موضوعات اسلامية

أهل الاستجابة لله ولرسوله هم المؤمنون

أهل الباطل عطلوا وسائل الإداراك التي وهبها الله لهم عن إدراك الحقائق لذلك لم يكونوا أهلا للاستجابة لأوامر الله ورسوله، وحرموا بذلك أنفسهم الخير في الدنيا والآخرة.

أهل الباطل عمي وصم وبكم

وصف الله المنافقين والكافرين بأنهم عمي وبكم وصم عن إدراك الحقائق والنطق بها، فأما المنافقون فهم لا يرجعون عن ضلالهم وغيهم بعد أدركوا حقائق الأشياء، قال الله عن المنافقين: (‌صُمُّۢ ‌بُكۡمٌ ‌عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ).

وأما الكافرون فهم عمي عن رؤية حقائق الوجود وبكم عن النطق بالحق وصم لا يسمعون الحقائق ولا يريدون سماعها.

فمثلهم كمثل الأنعام التي ينادي عليها راعيها فلا تسمع إلا مجرد صوت فقط لكنها لا تفهم المراد من هذا الصوت الذي تسمعه.

قال الله: (وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ ‌صُمُّۢ ‌بُكۡمٌ ‌عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ).

نداء الله على عباده

تنوع النداء في القرآن الكريم فتارة ينادي الله على عباده بلفظ: يا أيها الناس. وتارة ينادي بقوله: يا أيها الذين آمنوا.

والنداء بلفظ الناس كان كثيرا في مكة وهو خطاب يشمل الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم، وصالحهم وفاسقهم.

والنداء بيا أيها الناس مما تتميز به السور المكية فقد كان أكثر الناس كافرين، وكانت غالبا ما تدعوا الناس للإيمان بالله والتفكر والتدبر في الكون.

وأما النداء بلفظ الإيمان فمما تتميز به السور المدنية وهو نداء غالبا يكون فيه أمر موجه للمؤمنين يجب عليهم امتثاله أو نهي ينبغي عليهم اجتنابه، وهو نداء يلهب حماسهم لإيمانهم ويحرك شعور الإيمان فيهم.

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: إذا سمعت الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ‌فأرع ‌لها ‌سمعك، فإنها إما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه.

حياة القلوب في الاستجابة لله والرسول

لما تحدث الله في سورة الأنفال عن الكافرين ووصفهم بأنهم صم وبكم لا يعقلون نادى المؤمنين بوصف الإيمان ليلهب حماسهم لإيمانهم، ثم أمرهم بالاستجابة لله وللرسول بالطاعة لأن الاستجابة لله ولرسوله حياة للمؤمن في الدارين.

قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌ٱسۡتَجِيبُواْ ‌لِلَّهِ ‌وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ).

وهذه الآية تدل على وجوب الاستجابة والطاعة لله ولرسوله، حتى لو نادى الرسول على المؤمن وهو في الصلاة وجب الاستجابة لأمره.

عن أبي سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال:

(ألم يقل الله: (‌استجيبوا ‌لله ‌وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم). ثم قال لي: (لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد).

ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل: (لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن).

قال: (الحمد لله رب العالمين): هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته)[البخاري]

أهل الاستجابة هم المطيعون للنبي

عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌كل ‌أمتي ‌يدخلون ‌الجنة إلا من أبى).

قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)[البخاري]

فكل أمة الإجابة يدخلون الجنة إلا من عصى رسول الله وامتنع عن الامتثال لطاعته، لأن طاعة الرسول إنما هي طاعة لله، وعصيان الرسول عصيان لله، لأن الله كما أمرنا بطاعته امرنا بطاعة نبيه فقال الله: (‌مَّن ‌يُطِعِ ‌ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا).

المؤمنون أهل التقوى

قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌اتَّقُوا ‌اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ ‌وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أمر الله عباده المؤمنين بأن يتقوه التقوى التي تليق بربوبية الله،

بأن يبذلوا كل طاقتهم من أجل أن يمتثلوا أوامر الله ويجتنبوا نواهيه، فيطيعوا الله ولا يعصوه ويذكروه ولا ينسوه ويشكرون ولا يكفروه،

وأن يستمروا على ذلك إلى أن يأتيهم أجل الموت، فالمهم لهم أن يخرجوا من الدنيا وهم على الإسلام.

اجتناب النواهي وفعل المأمورات

مما ينبغي على المسلمين أن يفعلوه أن يجتنبوا النواهي التي أمرهم الله ورسوله باجتنابها، وأن يأتوا من المأمورات التي أمرهم الله بها بما يتناسب مع قدرتهم واستطاعتهم.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌ما ‌نهيتكم ‌عنه ‌فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)[مسلم]

ففي جانب المنهيات كان الأمر بالاجتناب ولم يكن مرتبطا بالاستطاعة لأن المطلوب هو الكف عن الفعل، فكأنه ليس موجودا أصلا فيطلب من المسلم ألا يقدم على الفعل.

وأما في جانب المأمورات كان الأمر مرتبطا بالاستطاعة فمن عجز عن الإتيان بالصلاة قائما أتى بها جالسا ومن عجز عنها جالسا أتى بها على جنب،

ومن عجز عن الصيام للسفر أفطر وقضى إذا عادت له صحته فإذا كان لا يرجى له الشفاء أطعم عن كل يوم مسكينا.

مواضيع ذات صلة