من الكلمات التي تشتمل على معنى الظلم لفظة البغي وهو نوع من الظلم والفساد بالعدوان على الناس، وكذلك الإكراه نوع من الظلم الذي يعاقب الله عليه المكرِه.
معاني الظلم
أصل الظلم الجور ومجاوزة الحد، ويراد بالظلم الميل عن القصد، ويطلق الظلم أحيانا ويراد به النقص كما في قول الله: (كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا).
ويطلق الظلم ويراد به الشرك كما في قول الله: (ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ)،
وقال الله: (وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ).
وجوب العدل مع من نكرههم
أوجب الله علينا إقامة العدل مع الناس جميعا، فهذا ما أمر الله به عباده حيث قال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)
وأكد على وجوبه مع المخالفين لنا فقال: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)
والمعنى فلا يحملنكم بغضكم لقوم على عدم العدل فيهم لأن المؤمنين يجب أن يكونوا دائما قائمين بالعدل وأن يكونوا متعالين فوق شهواتهم وأهوائهم.
أنواع الظلم
للظلم أنواع منها:
الأول: ظلم بين الإنسان وربه، وهذا يكون منه الشرك والكفر والفسوق والعصيام، ومنه قول الله: (إن الشرك لظلم عظيم)،
فهذا الشرك لا يرضاه الله لنا لأن الله يريد لنا أن نؤمن به حتى نكون أهلا لرحمته ومغفرته، ولا يرضى لعباده الكفر حتى لا يكونوا مستحقين لعذاب الله.
قال الله: (إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ).
الثاني: ظلم بين الإنسان لأخيه الإنسان، وهذا يكون فيه وضع الشيء في غير موضعه وإنزال الأذى بالآخرين، فمن أنزل الأذى بأحد أنزل الله به عقابه وعذابه.
قال الله: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) فجزاء ما يفله الإنسان من سيئات أن يعاقب عليها لكن سمي العقاب سيئة لأنه مسبب عن أعمالهم السيئة، فمن رحمة الله أنه يمهل العاصي والظالم لعله يثوب إلى رشده ويتوب إلى الله ويصلح ما أفسده.
الثالث: ظلم الإنسان لنفسه وهذا منه قول الله: (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد). فمن الناس من رجحت كفة سيئاته على حسناته وصار ظالما لنفسه بالتقصير في حق نفسه.
الشكوى من الظالم
حرم الله علينا الغيبة بأن نذكر ما في غيرنا من مساوئ لكن أجاز لنا أن يذكر المظلوم ما فعله الظالم به عند الحاكم أو القاضي ليفصل في القضية ويرد له حقه، قال الله: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم).
أو أن يذهب المستفتي إلى المفتى فيسأله عن حكم ما فعله الظالم به فمثل هذا لا يدخل في باب الغيبة المحرمة.
ويدل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن عن عائشة قالت: (دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت:
يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)
الدعاء على الظالم
يجوز للمظلوم أن يدعوا على ظالمه، فخير من ينتصر به المظلوم من ظالمه أن يلجأ لربه ويطلب منه أن يهلك عدوه.
قال الإمام أحمد: الدعاء قصاص ومن دعا على من ظلمه فما صبر يريد أنه انتصر لنفسه.
دعوة المظلوم
من الدعوات التي لا يردها الله لصاحبة دعوة المظلوم على ظالمه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوِا دَعَوَاتِ المظْلُومِ)أبو يعلى
وقد حذرنا رسول الله من دعوة المظلوم لأنه ليس هناك بينها وبين الله حجاب فهي دعوة مستجابة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (…واتّق دعوة المظلوم فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب)[البخاري]
قال ابن بطال: قد جاء فى الحديث: أن دعوة المظلوم لا ترد وإن كانت من كافر، ومعنى ذلك أن الله تعالى لا يرض ظلم الكافر كما لا يرضى ظلم المؤمن، وأخبر تعالى أنه لا يظلم الناس شيئًا، فدخل فى عموم هذا اللفظ جميع الناس من مؤمن وكافر.
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم)[مسلم]
قال القاضي قيل هو على ظاهره فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة سبيلا حتى يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم.
ويحتمل أن الظلمات هنا الشدائد وبه فسروا قوله تعالى: (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر) أي شدائدهما ويحتمل أنها عبارة عن الأنكال والعقوبات.