النكاح

ما هي الأحكام المتعلقة بمهر المرأة في الزواج؟

المهر هو اسم للمال الذي يجب على الرجل للمرأة في عقد الزواج في مقابلة البضع، أو ما تستحقه المرأة بعقد النكاح.

الدليل على وجوب المهر

ورد عدد من الأدلة التي تبين وجوب المهر على الرجل للمرأة، منها قول الله: (وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ ‌صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ)، وقال الله: (فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ ‌أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ).

حكمة وجوب المهر في عقد النكاح

قال الكاساني: لو لم يجب المهر بنفس العقد لا يبالي الزوج عن إزالة هذا الملك بأدنى خشونة تحدث بينهما؛

لأنه لا يشق عليه إزالته لما لم يخف لزوم المهر؛ فلا تحصل المقاصد المطلوبة من النكاح؛ ولأن مصالح النكاح ومقاصده لا تحصل إلا بالموافقة ولا تحصل الموافقة إلا إذا كانت المرأة عزيزة مكرمة عند الزوج؛

ولا عزة إلا بانسداد طريق الوصول إليها إلا بمال له خطر عنده؛ لأن ما ضاق طريق إصابته يعز في الأعين فيعز به إمساكه؛

وما تيسر طريق إصابته يهون في الأعين فيهون إمساكه؛ ومتى هانت في أعين الزوج تلحقها الوحشة فلا تقع الموافقة ولا تحصل مقاصد النكاح.

هل يصح عقد الزواج من غير تسمية للمهر؟

المهر وإن كان واجبا إلا أنه ليس ركنا من أركان عقد الزواج ولا شرطا من شروطه وهذا معناه أن الزواج يصح بدون تسمية هذا المهر، ويبقى هذا المهر دينا في ذمة الرجل بمجرد العقد الصحيح، ويكون للمرأة مهر مثلها من النساء إذا لم يتفقا عليه.

قال الله: (لَّا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِن طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمۡ تَمَسُّوهُنَّ أَوۡ ‌تَفۡرِضُواْ ‌لَهُنَّ فَرِيضَةٗۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلۡمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلۡمُقۡتِرِ قَدَرُهُۥ مَتَٰعَۢا بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ).

عن علقمة قال: أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل، ثم مات عنها، ولم يفرض لها صداقا، ولم يكن دخل بها، قال: فاختلفوا إليه، فقال:

(أرى لها مثل صداق نسائها، ولها الميراث، وعليها العدة) فشهد معقل بن سنان الأشجعي: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى في بروع ابنة ‌واشق ‌بمثل ‌ما ‌قضى)[أحمد]

وعن عقبة بن عامر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لرجل: “أترضى أن أزوجك فلانة؟” قال: نعم،

وقال للمرأة: “أترضين أن أزوجك فلانا؟ ” قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئا، وكان ممن شهد الحديبية،

وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما حضرته الوفاة، قال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقا ولم أعطها شيئا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهما، ‌فباعته ‌بمئة ‌ألف)[أبو داود]

مقدار المهر

ذهب الفقهاء إلى أنه لا حد لأكثر المهر، واستدلوا على ذلك بقول الله: (وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ ‌قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا)، فالقنطار يطلق على المال الكثير.

لكن بين الفقهاء أنه لا يستحب الإسراف والمغالاة في المهر وبينوا أن معنى المغالاة في المهر أن يكون مما خرج عن حدود العادة.

قال عمر بن الخطاب: (لا تغالوا ‌صداق ‌النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، كان أولاكم وأحقكم بها محمد -صلى الله عليه وسلم-

ما أصدق امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليثقل صدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه. ويقول: قد كلفت إليك علق القربة، أو عرق القربة)

وكنت رجلا عربيا مولدا، ما أدري ما علق القربة، أو عرق القربة)[ابن ماجه]

فالمغالاة في المهور مكروهة وهي من أسباب قلة بركة الزواج وتعسر الحياة وسبب من أسباب الضغينة بين الرجل وزوجته.

أقل المهر

قدر الحنفية أقل المهر بعشرة دراهم، وعند المالكية بثلاثة دراهم، وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه لا حد لأقله ولا حد للأكثره؛ لحديث سهل بن سعد قال: أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة فقالت:

إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما لي في النساء من حاجة). فقال رجل: زوجنيها، قال: (أعطيها ثوبا). قال: لا أجد، قال: (أعطها ‌ولو ‌خاتما ‌من ‌حديد). فاعتل له، فقال: (ما معك من القرآن). قال: كذا وكذا، قال: (فقد زوجتكها بما معك من القرآن)[البخاري]

وقد أجاز الشافعية وأحمد في أحد القولين وأصبغ من المالكية جعل تعليم القرآن مهرا.

وقال الله: (وَأُحِلَّ لَكُم ‌مَّا ‌وَرَآءَ ‌ذَٰلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُواْ بِأَمۡوَٰلِكُم مُّحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَۚ) فهنا لم يقدر القرآن مقدار هذا المال فيعمل به على إطلاقه.

شروط المهر

واشترط الفقهاء في المهر شروطا منها:

1 – أن يكون مما يجوز تملكه وبيعه.

2 – أن يكون معلوما فلا يجوز بمجهول جهالة فاحشة.

قال الدردير: يشترط في المهر شروط الثمن من كونه متمولا طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه معلوما.

وقال الشربيني الخطيب: كل ما صح كونه عوضا معوضا عينا أو دينا أو منفعة كثيرا أو قليلا – ما لم ينته في القلة إلى حد لا يتمول- صح كونه صداقا؛ وما لا فلا.

متى يجب المهر

يجب المهر بعقد النكاح، ويجوز تأخير المهر كله أو بعضه عن وقت الدخول إلى أجل قريب أو بعيد، أو تأجليله لأجل غير معين لأقرب الأجلين كالطلاق أو الوفاة، ويجوز أن يعطي الزوج المهر لزوجته على مراحل أو أقساط.

مواضيع ذات صلة