الكفاءة معناها في اللغة التساوي والتعادل، وفي الاصطلاح: مساواة الرجل للمرأة في الأمور المعتبرة في النكاح.
ما هي الكفاءة المعتبرة في الزواج
جمهور الفقهاء على أن الكفاءة في الزواج معتبرة لكن اختلفوا في صفات خصال الكفاءة المعتبرة.
فذهب أكثرهم إلى أن الصفات المعتبرة في الكفاءة في الزواج ترجع إلى أربعة أشياء: الدين، والحرية، والنسب، والصناعة.
وحكم هذه الكفاءة عند الحنفية والحنابلة إلى أنه يجب اعتبارها فيجب تزوج المرأة من الأكفاء ويحرم على ولي المرأة تزويجها بغير كفء.
حكم الكفاءة
ذهب الشافعية والحنفية والمالكية إلى أن الكفاءة تعتبر للزوم النكاح لا لصحة النكاح غالبا، وهذا معناه أن النكاح بغير الكفء صحيح.
لكن الكفاءة حق المرأة وأولياؤها إذا أرادوا إسقاط النكاح أسقطوه، فإن رضوا بالنكاح فلا اعتراض عليهم.
واستدلوا على ذلك بأن رسول الله زوج بناته ولا أحد يكافئه، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج فاطمة بنت قيس وهي قرشية من أسامة بن زيد فنكحها بأمره.
وزوج زيد بن حارثة مولاه من ابنة عمته زينب بنت جحش.
الحكمة من اشتراط التكافؤ
من حكم اشتراط التكافؤ هو استمرار الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة؛ لأن المرأة إذا أحست بأن زوجها ليس كفئا لها فإن هذا من شأنه أن يهدم الحياة ويمنع من استمرارها؛
لأن الشريفة تأبي أن تكون مفترشة لخسيس من الناس، وانتظام الحياة غالبا لا تكون إلا بين متكافئين، فإن كانوا غير متكافئين فإن هذا من شأنه أن ينهي الحياة بينهما بالطلاق أو أن تستمر بينهما على شقاء.
لمن حق الكفاءة
الكفاءة المعتبرة في الزواج حق المرأة وحق أوليائها، فإن من حق المراة أن تصون نفسها عن الافتراش لخسيس لا يساويها.
ومن حق الأولياء أيضا أن يرفضوا هذا الزوج الذي لا يكون مكافئا لبناتهم لأنهم يلحقهم عار نسبه.
الدين من خصال الكفاءة
من خصال الكفاءة المعتبرة في الزواج هو دين الرجل ومدى استقامته عليه، قال أبو حنيفة وأبو يوسف:
لو أن امرأة من بنات الصالحين زوجت نفسها من فاسق، كان للأولياء حق الاعتراض؛ لأن التفاخر بالدين أحق من التفاخر بالنسب والحرية والمال، والتعيير بالفسق أشد وجوه التعيير.
وقال المالكية: المراد بالدين الإسلام مع السلامة من الفسق، ولا تشترط المساواة في الصلاح، فإن فقد الدين وكان الزوج فاسقا فليس بكفء.
فإذا زوج الأب ابنته من فاسق أو شارب خمر كان من حق البنت أن تطلب فسخ هذا الزواج؛ لأنه ليس كفئا لها، فينظر القاضي في هذا الأمر ويفرق بينهما.
الدليل على اعتبار الدين في الكفاءة
هناك الكثير من الأدلة التي تعتبر أمر الدين من الأمور المعتبرة في كفاءة الرجل للمرأة منها قول الله:
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ).
فبين الله أن الناس أصلهم واحد وهو آدم وحواء وأنهم جميعا متساوون في الخلق والقيمة الإنسانية لكنهم يتفاضلون فيما بينهم بتقوى الله.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض)[الترمذي]
النسب من خصال الكفاءة
ذهب بعض الأئمة إلى أن النسب من الخصال المعتبرة في كفاءة الرجل للمرأة في الزواج، واستدلوا على ذلك بقول عمر -رضي الله تعالى عنه-: “لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء” وفي رواية قلت: وما الأكفاء؟ قال: في الأحساب.
والنسب المعتبر هو نسب الآباء لأن العرب كانوا يتفاخرون بأنساب آبائهم دون أمهاتهم، وذهب بعض الأئمة إلى أن المعتبر في الكفاءة هو الدين فقط أما النسب فلا اعتبار له لأن الله قال: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى أبلغت)[أحمد]
الحرية من خصال الكفاءة
من الخصال المعتبرة في الكفاءة الحرية، فلا يكون العبد كفئا للحرة لأنها تعير به، لأنه مشغول عن حقوق زوجته بحقوق سيده.
واستدلوا على ذلك بحديث عائشة، (أن بريرة خيرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان زوجها عبدا)[أبو داود]
الحرفة من خصال الكفاءة
الحرفة أو الصنعة وهو ما يطلب به الرزق فهذه الحرفة مما يعتبر في الكفاءة في الزواج؛ لأن هذه الحرف منها ما يخل بمروءة الرجل أو يحط من قدره، وقد قال الله: (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق).
الكفاءة ليست عنصرية
الكفاءة التي تكلم عنها الفقهاء لا تدخل في باب العنصرية وإنما الغرض منها هو أن يكون هناك انسجام بين الرجل وزوجته وهذا الانسجام أدعى لاستمرار الحياة بينهما وشعور كل منهما بالألفة والسكينة والمودة والرحمة.
لكن إذا أحست المرأة بأن زوجها ليس كفئا لها وأنها تعير به وأولادها كذلك فإن هذا من شأنه أن يكون سببا في عدم استمرار الحياة بينهما أو أن تستمر على غير وفاق ووئام.
وقت اعتبار الكفاءة
الكفاءة المعتبرة تكون في وقت إنشاء العقد، فإن عدمت الكفاءة بعد العقد بأن طرأ على الرجل أمور غيرت حاله في مصدر رزقه مثلا فإن هذا التغير لا يعتبر في الكفاءة ولا بفسخ العقد به.