ذكر الله من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله، فبذكر الله تطمئن القلوب وتسكن الأرواح، وتمتلئ القلوب بالخشية من الله.
لا يزال لسانك رطبا بذكر الله
عن عبد الله بن بسر أن رجلا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله)الترمذي
شرائع الإسلام
يقولون الشريعة معناها: هي مورد الإبل على الماء الجاري، والشريعة هي ما شرعه الله لعباده من الدين، مما افترضه عليهم وسنه لهم.
فالرجل أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تلك الشرائع قد كثرت عليه فطلب منه أن يخبره بشيء، وذكر “شيء” بالتنكير يفيد التقليل الذي يتضمن معنى التعظيم، وكأنه يقول: أخبرني بعمل يسير أستجلب به الثواب العظيم.
أخبرني بشيء أتشبث به
ليس مراد الرجل أنه يريد أن يترك ما افترضه الله عليه وينشغل بغيره، وإنما الرجل يريد من النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سيلتزم بما افترضه الله؛ لأن أقرب ما يتقرب به العبد إلى الله ما افترضه عليه.
لكن يريد أن يخبره بشيء يغنيه عن غيره مما دون الفرائض، فأرشده رسول الله إلى قوله: لا يزال لسانك طريا مشتغلا قريب العهد بذكر الله.
الإكثار من ذكر الله
أمر الله عباده بالإكثار من ذكره فقال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).
وبين الله أن الإكثار من ذكره سبب من أسباب الفلاح فقال: (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ذكر الله في كل الأحوال
ذكر الله لا يتطلب من الإنسان مجهودا كبيرا ولا وقت مخصوص ولا هيئة مخصوصة، وإنما ذكر الله قد يؤديه الإنسان قائما أو قاعدا أو على جنب أو أثناء سيره بل التفكر في خلق الله يعتبر نوعا من الذكر الذي يتقرب به العبد إلا مولاه.
قال الله: (ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ).
وقالت عائشة -رضي الله عنها-: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه)[البخاري]
الباقيات الصالحات
ذكر الله بالتكبير والتسبيح والتحميد والتهليل من الباقيات الصالحات التي يتقرب بها العبد إلى الله.
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (استكثروا من الباقيات الصالحات)
قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: (المِلّة)، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: (الملة)، قيل: وما هي يا رسول الله؟
قال: (التكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، ولا حول ولا قوة إلا بالله)[أحمد]
بذكر الله تطمئن القلوب
تستقر وتستريح وتأنس قلوب الذاكرين بذكر ربهم، وتسكن أرواحهم بذكر الله، فلا تطمئن قلوب المحبين إلا بذكره ولا تسكن أرواح المشتاقين إلا برؤيته.
قال الله: (ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ).
الرهبة عند ذكر الله
المؤمنون الكاملون في إيمانهم إذا ذكروا الله بقلوبهم خافت وفزعت استعظاما لشأن الله وتهيبا من ربهم، فلا شيء أعظم من الله.
قال الله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
ذكر الله في الجهاد وعقب الصلوات
لقد أمرنا الله إذا كنا في الجهاد في سبيل الله أن نثبت إذا لقينا عدونا وأن نذكر الله في هذا الموقف فقال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ).
وأمرنا إذا قضينا الصلاة أن نذكر الله عقبها فقال: (فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا).
الذكر صباحا ومساء
ذكر الله بعد الصلاتين اللتين لا تطوع بعدهما، وهما الفجر والعصر من أفضل الأذكار فيشرع الذكر بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس،
وهذان الوقتان هما أفضل أوقات الذكر، وإن كان الذكر جائزا في كل الأوقات لكنه في هذين الوقتين أفضل، ولهذا أمرنا الله بالذكر فيهما فقال: (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)
وقال: (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)، وقال: (فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ).
الذكر عمل يسير وأجر عظيم
ذكر الله تعالى من الأعمال اليسيرة التي لا تحتاج وقتا ولا جهدا ومع ذلك فأجرها عظيم عند الله.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده)[البخاري]
فسبحان الله العظيم وسبحان الله وبحمده كلمتان سهلتان في نطقهما ثقيلتان في وزنهما في الميزان يوم القيامة، وهما كلمتان محبوبتان إلى الله، فالله يقبلهما ويوصل الخير لقائلهما.
ذكر الله ليلا
أرشدنا رسول الله إلى أن من أصابه الأرق في نومه ليلا أن يذكر الله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير،
الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا، استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته)[البخاري]