الصلاة

ما يستحب قراءته في يوم الجمعة وليلته واغتنام ساعة الإجابة

هناك بعض من السور التي يستحب قراءتها في يوم الجمعة وليلته، وهناك ما يستحب قراءته في صلاة فجر يوم الجمعة، وهذا اليوم جعل الله فيه ساعة يستجاب فيها الدعاء.

ما يقرأ في يوم الجمعة وليلته

من السنة قراءة سورة الكهف في ليلة الجمعة أو يومه وذلك بناء على اختلاف الروايات التي وردت في ذلك، فبعضها جاء الأمر فيها بقراءة سورة الكهف في يوم الجمعة، وفي بعضها في ليلة الجمعة، فمن قرأ في يوم الجمعة أو ليلته أصاب السنة.

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ)[المستدرك]

فهذا النور الذي يجده العبد هو “الذي يقذفه الله في قلبه، أو في بصره، أو بصيرته، أو في كل أحواله، أو نور يصعد له مع أعماله إلى السماء، أو تشاهده الملائكة، أو يسطع له في الجنة زيادة على غيره ، (ما بين الجمعتين)الأسبوع كله “[التنوير شرح الجامع الصغير]

وعن أبي سعيد الخدري قال: (مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ)[الدارمي]

قال المناوي: ” فيندب قراءتها يوم الجمعة، وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-”

وقال أيضا: “قال الحافظ ابن حجر في أماليه: كذا وقع في روايات يوم الجمعة، وفي روايات ليلة الجمعة، ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها “[فيض القدير]

والليلة تبدأ من غروب الشمس من يوم الخميس وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس منه .

ما يقرأ في فجر يوم الجمعة

يستحب للمسلم أن يقرأ سورة السجدة وسورة الإنسان في صلاة فجر يوم الجمعة، فقد اشتملتا على خلق آدم وكان خلق آدم في يوم الجمعة، واشتملتا على أمور الحشر والمعاد، وكل هذا إنما يكون في يوم الجمعة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)[البخاري]

قال الإمام ابن القيم: “سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة؛

لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها، فإنهما اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذكر المعاد وحشر العباد، وذلك يكون يوم الجمعة،

وكأن في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه ويكون، والسجدة جاءت تبعًا ليست مقصودة حتى يقصد المصلي قراءتها حيث اتفقت، فهذه خاصة من خواص يوم الجمعة “[زاد المعاد في هدي خير العباد]

ما يستحب قراءته في يوم الجمعة وليلته واغتنام ساعة الإجابة

ساعة الإجابة

ورد عدد من الأحاديث يؤكد وجود ساعة إجابة في يوم الجمعة، وهي ساعة مفضلة على غيرها من الساعات، كما فضل الله يوم الجمعة على غيره من الأيام.

قال أبو بكر ابن العربي: ” في يوم الجمعة ساعة هي أفضل الساعات، وفضل اليوم على سائر الأيام، وإذ جاز أن يكون يوم أفضل من يوم، جاز أن تكون ساعة أفضل من ساعة،

والفضائل لا تدرك بالقياس، وإنما تدرك من لفظ الشارع لا غير، والله يفضل ما يشاء على ما يشاء ويختار، وله الخيرة “[المسالك في شرح موطأ مالك]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَالَ: (فِيهِ سَاعَةٌ، لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ)وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.[البخاري]

فهذا الحديث بين وجود ساعة إجابة في يوم الجمعة لا يصادفها أحد وهو قائم يصلي وهو يسأل الله إلا أعطاه الله ما يريد.

لكن اختلفت روايات الأحاديث في تحديد هذه الساعة التي يستجاب فيها الدعاء، قال المنذري: ” وَأما تعْيين السَّاعَة فقد ورد فِيهِ أَحَادِيث كَثِيرَة صَحِيحَة وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهَا اخْتِلَافا كثيرًا “[الترغيب والترهيب]

فعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ ؟

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)[مسلم]

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ، يُرِيدُ سَاعَةً، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ)[أبو داود]

ما معنى الساعة

الساعة هي مقدار من الوقت غير محدد، وهو أقل ما يعبر به عن الزمن، قال ابن العربي: “(ساعة) يقتضي جزءًا من اليوم غير مقدر ولا معين، وبيان ذلك ما أشار إليه من تقليلها، ولو كانت مقدرة لما كان لتقليلها معنى”[المسالك في شرح موطأ مالك]

وقت ساعة الإجابة

ورد في الأحاديث ما يفيد أن وقت ساعة الإجابة ليس محددا في وقت واحد وإنما ربما تكون متغيرة من يوم لآخر.

وقد اختلف العلماء في تحديد وقتها بناء على اختلاف الآثار الواردة في ذلك حتى كان البعض يتحراها في اليوم كله.

قال ابن العربي: ” وقد كان في المسجد الأقصى بعض المريدين يعتكف يوم الجمعة من صلاة الصبح إلى الضحى،

وفي الجمعة الثانية من الضحى إلى الظهر، وفي الجمعة الثالثة من الظهر إلى العصر، وفي الجمعة الرابعة من العصر إلى المغرب.

فاستحسنت ذلك بحضرة شيخنا أبي بكر الفهري فقال لي: ومن أين تعلم أنها تحصل له ولعلها تنتقل انتقال ليلة القدر”[القبس في شرح موطأ مالك بن أنس]

حكمة إخفاء ساعة الإجابة

لعل من حكم إخفاء ساعة الإجابة في يوم الجمعة أن يجتهد الناس في طلبها في اليوم كله، كما أخفى الله عنا موعد موتنا لنجتهد في كل حياتنا، وكما أخفى الله عنا ليلة القدر لنجتهد في كل الشهر.

قال ابن العربي: ” والذي عندي فيها أنها في يوم الجمعة كله، وأنها مبهمة فيه، كليلة القدر والصلاة الوسطى، لكي يجتهد الناس فيها بالدعاء والصلاة، والله أعلم”[المسالك في شرح موطأ مالك]

قال السيوطي: ” والحكمة في إخفائها بعث العباد على الاجتهاد في الطلب، واستيعاب الوقت بالعبادة، وقيل: أنها تنتقل في يوم الجمعة، ولا تلزم ساعة بعينها “[نور اللمعة في خصائص الجمعة]

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة