ما هي الأولويات في ميزان الإسلام في مجال المأمورات؟
هناك الكثير من الأولويات في ميزان الإسلام في مجال المأمورات أمرنا الإسلام بفعلها، وهذه المأمورات تتفاوت درجاتها فمنها ما هو أحق بالتقديم من غيره، كتقديم الأصل على الفرع، أو الفرض على السنة.
أولوية تقديم الفرائض على السنن
الأعمال تتفاوت رتبتها ودرجتها، فمنها ما هو مفروض أو واجب ومعناه: أن الإنسان يعاقب على تركه ويثاب على فعله.
ومنها ما هو مسنون وهذا معناه: أن الإنسان يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، فالذي يجب تقديمه هو الواجب.
فإن أحب ما يتقرب به العبد إلى الله هو ما فرضه على عبده، وأما السنن فهي من الطرق التي يترقى بها العبد عند الله.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه،
وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها،
وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)[البخاري]
فما يجب علينا أن ننشغل به أولا هو الفروض ثم بعد ذلك تكون السنن، وهذا هو ما كان يفعله رسول الله ويوصي من يأتيه سائلا عن الإسلام.
عن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(خمس صلوات في اليوم والليلة). فقال: هل علي غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع). قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وصيام رمضان). قال: هل علي غيره؟ قال: لا، إلا أن تطوع.
قال: وذكر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع). قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفلح إن صدق)[البخاري]
أولويات الدعاة
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوصي أصحابه إذا أرسلهم دعاة لقوم آخرين أن ينشغلوا أولا بتعليم الناس ما افترضه الله عليهم.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- إن النبي -صلى الله عليه وسلم-: بعث معاذا -رضي الله عنه- إلى اليمن، فقال:
(ادعهم إلى: شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوه لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة،
فإن هم أطاعوه لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)[البخاري]
فالانشغال بالسنن لا يغني عن الفريضة أبدا ولا يسقط عن صاحبه العقاب، فالله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة.
أولوية فرض العين على فرض الكفاية
هناك فارق بين فرض العين وفرض الكفاية، ففرض العين هو ما أوجبه الله على كل مسلم ولا يسقط عنه،
وذلك كفريضة الصلاة لا ينوب فيها أحد عن أحد وهي واجبة على كل مسلم، وفريضة الصيام وغير ذلك من الفرائض التي فرضها الله علينا.
أما فرض الكفاية فهو الفرض الذي إذا أداه البعض من المسلمين سقط االإثم عن الباقين، فإذا تقاعس الجميع فلم يقوموا به أثم الجميع.
وفروض الكفاية كثيرة منها مثلا الجهاد في سبيل الله إذا كان هناك وفرة في المقاتلين فإنه في هذه الحالة يكون فرض كفاية إذا خرج العدد الكافي لمواجهة العدو في جهاد الطلب سقط الإثم عن الباقين الذين لم يخرجوا.
فمثلا بر الوالدين فرض عين على كل مسلم وجهاد الطلب فرض كفاية إذا تعارض الأمران يقدم القيام بواجب البر على الجهاد.
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستأذنه في الجهاد، فقال: (أحي والداك). قال: نعم، قال: (ففيهما فجاهد)[البخاري]
وصلاة الجنازة هي أيضا من فروض الكفايات التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين.
حقوق العباد وحق الله
أحيانا من الأولويات التي يجب تقديمها حق العباد على حق الله، فمثلا فريضة الحج من الفرائض التي فرضها الله على المستطيع،
فإذا كان الإنسان عليه دين لأحد من الناس وأردا أن يؤدي الحج فالأولى أن يقوم بأداء الدين أولا؛ لأن الله لم يفرض عليه الحج إلا في حال الاستطاعة وهو في تلك الحالة غير مستطيع،
وبين رسول الله أن أمر الدين شديد فإنه ربما يحجب صاحبه من دخول الجنة ويمنع عنه رحمة الله فقال صلى الله عليه وسلم: (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين)[مسلم]
أولوية تقديم الجماعة على الأفراد
الجماعة في الإسلام مقدمة على الأفراد، فولاء المسلم يجب أن يكون أولا لله ثم لرسوله ثم للمؤمنين.
قال الله: : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).