دائما ما نسأل ما أفضل الأعمال وأحبها عند الله بعد الفرائض؟ في هذا المقال نستعرض معكم أربعة أعمال يحب الله من عباده اداءها.
المداومة على العمل من أفضل الأعمال
العمل الدائم القليل يعتبر من أفضل الأعمال وأحبها عند الله بعد الفرائض من العمل الكثير المنقطع؛ لأن الدائم المستمر يكون أكثر من الكثير المنقطع.
ومع دوام العبادة يكون الإنسان موصولا دائما بالله، ولأن يكلف الإنسان نفسه من الأعمال ما هو في حدود طاقته واستطاعته ليكون باعثا له على الاستمرار، أولى من أن يرهق نفسه ويكلفها فوق طاقتها فإن هذا أدعى للانقطاع عن العمل.
عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (أدومها وإن قل). وقال: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون)البخاري
وعن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها امرأة، قال: (من هذه؟) قالت: فلانة، تذكر من صلاتها.
قال: (مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا) وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه.[البخاري]
والمعنى: كفي عن مدحها الزموا من العمل ما تطيقونه على الدوام والثبات لا ما تفعلونه أحيانا وتتركونه أحيانا، فإن الله لا يقطع إحسانه عنكم حتى تملوا.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: (ما هذا الحبل).
قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا، حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد)[البخاري]
والسارية هي العمود الذي يوضع عليه السقف، فكانت زينب -رضي الله عنها- تربط حبلا بين عمودين فإذا تعبت في الصلاة تعلقت به.
فأمر رسول الله بإزالته وأمر بأن يصلي الواحد في نشاطه فإذا تعب نام لأنه لو صلى في فترة تعبه ربما من شدة الإرهاق يريد أن يدعوا لنفسه فيدعوا عليها.
مخالطة الناس ونفعهم من أفضل الأعمال
لأن يكون الإنسان صالحا في نفسه مصلحا لغيره أولى من أن يقتصر على صلاح نفسه فحسب؛ لأنه يأخذ بذلك أجر صلاحه وأجر من يكون سببا في صلاحهم.
ومن يخالط الناس ويصبر على أذاهم من أجل أن ينفعهم أولى ممن يعتزل الناس ولا يصبر على أذاهم.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم إذا كان يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)الترمذي
وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن خير الناس هو من يتعلم القرآن أولا ثم يعلمه لغيره، فقال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)[البخاري]
وعن أبي هريرة قال: مر رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته لطيبها، فقال: لو اعتزلت الناس، فأقمت في هذا الشعب، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (لا تفعل، فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة، اغزو في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة)[الترمذي]
فمن يتحمل الأذى داعيا للناس في سبيل الله فإنه يأخذ أجرا على كل من كان سببا في هدايته.
عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)[مسلم]
وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر: (لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله).
فبات الناس ليلتهم: أيهم يعطى، فغدوا كلهم يرجونه، فقال: (أين علي). فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه، فقال:
أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله رجلا بك، خير لك من أن يكون لك حمر النعم)[البخاري]
قيمة العمل بكونه أكثر نفعا
العمل الذي يتمتد أثره ويعظم نفعه أفضل من العمل الذي ينتهي بمجرد الانتهاء منه، فالعمل المستمر في نفعه ينفع صاحبه في قبره.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)[مسلم]
فالصدقة الجارية غير منقطعة وإنما أجرها دائم لصاحبها ما دامت ينتفع الناس منها، والعلم الذي يخلفه الإنسان وراءه أجره دائم ما دام الناس ينتفعون به،
والولد الصالح ينتفع الوالد بدعاء ولده له وينتفع بعمله لأن ولده من كسبه، فإذا كان عمل الميت منقطع بموته فإن هذه الأشياء تبقي له الأجر ما بقيت في الناس.
قيمة العمل وقت المحن والشدائد
لاشك أن الأجر على قدر المشقة فإذا كانت هناك فتن أو محن وشدائد فإن العمل في وقتها يكون أعظم أجرا، فإن الله بين لنا أنه سيبتلي عباده ليميز المؤمن من المنافق والصابر من غير الصابر،
قال الله: (وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ).