تعرف على مكانة أصحاب رسول الله وفضلهم

اتفق علماء الإسلام على عدالة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن الله ورسوله قد عدلوهم وأظهروا فضلهم.

ما معنى الصحابي؟

عرف العلماء الصحابي بانه من لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك، ولا يشترط فيها أن يقضي وقتا طويلا مع النبي ولا أن يكون قد جاهد معه غزوة أو غزوتين.

لكن يتفاضل الصحابة في المنزلة بطول الصحبة وشدة الملازمة.

قال الله: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

ومن آمن بالنبي في زمانه ولم تتح له فرصة اللقاء فهو مخضرم أي أمره متردد بين الصحابة لمعاصرتهم للنبي وبين التابعين لعدم لقاء النبي.

ما موقف المنافقين على عهد النبي؟

المنافقون الذين كانوا يظهرون الإيمان وبيطنون الكفر هؤلاء ليسوا صحابة؛ لأننا قلنا إن شرط الصحابي أن يلقى رسول الله مؤمنا به.

فإذا لقي الرجل رسول الله مؤمنا به ثم ارتد ومات على ذلك لا يكون صحابيا، فلو ارتد ورجع للإيمان مرة ثانية في حياة النبي تعود له الصحبة.

فهؤلاء المنافقون الذين كشف الله أمرهم والذين أخبر عنهم رسول الله ليسوا بصحابة ولا يمكن أن ينالوا شرف الصحبة .

هل الصحابة معصومون؟

لم يقل أحد بأن الصحابة معصومون من الخطأ والسهو والنسيان، لكنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يجوز عليهم السهو والنسيان والخطأ، وليسوا معصومين من الوقوع في الإثم، إنما يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم فهم بشر.

مجموع الصحابة معصوم

هناك فارق بين قولنا مجموع وجميع، فنحن نقول مجموع الصحابة كلهم عدول أي أنهم إذا أجمعوا على أمر من الأمور فإنهم لا يمكن أن يجمعوا على خطأ لأن المجموع معصوم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تجتمع أمتي على ضلالة)[أحمد]

وهذا معناه أن إجماع الصحابة حجة لا يجوز مخالفتهم في إجماعهم، فكما أن رسول الله حجة على الجميع، فاجتماع الصحابة حجة على غيرهم.

أما الجميع فمعناه أنه لا تثبت عصمة لكل فرد على حده فكل واحد يجوز عليه الخطأ والنسيان.

موقف أهل السنة والمعتزلة والشيعة

موقف أهل السنة من عدالة الصحابة أنهم يرون أن الصحابة كلهم عدول بتعديل الله ورسوله لهم.

أما المعتزلة فيرون أن الصحابة عدول إلا من قاتل عليا -رضي الله عنه-، وأما الشيعة وهم الروافض فيرون أن الصحابة كفروا إلا سبعة عشر صحابيا.

الدليل على عدالة الصحابة من القرآن

ورد الكثير من الآيات القرآنية التي تبين لنا بجلاء عدالة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا التعديل إنما هو من الله لهم.

فقال الله: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ).

وقال الله: (‌لَّقَدۡ ‌رَضِيَ ‌ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا).

وقال الله: (مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ ‌أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ

وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا).

وقال الله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

فإذا لم يكن المقصود من هؤلاء أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن أولى بهذا الوصف.

الدليل على عدالة الصحابة من السنة

لقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- مكانة أصحابه في كثير من الأحاديث، وحذر أمته من انتقاص أصحابه لأنهم مهما فعلوا فلن يصلوا إلى شيء من رتبتهم ومكانتهم.

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌لا ‌تسبوا ‌أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)[البخاري]

وهذا الحديث يدل على تحريم سب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ويبين لنا أن القليل الذي أنفقه الواحد من الصحابة أفضل من الكثير الذي ينفقه غيرهم لعدة أمور:

الإنفاق وقت الشدة

أولا: لأنهم كانوا ينفقون مع شدة حاجتهم وضيق حالهم، وهذا يدل عليه ما رواه ‌أبو هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

(‌سبق ‌درهم مائة ألف) قالوا: يا رسول الله، وكيف؟ قال: (رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير فأخذ من عرض ماله مائة ألف فتصدق بها)[النسائي]

أسبق الناس نصرة للرسول

ثانيا: لأنهم كانوا أسبق الناس في نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان لهم فضل السبق على غيرهم، يقول الله:

(‌لَا ‌يَسۡتَوِي ‌مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ).

شرف الصحبة

ثالثا: نيلهم شرف صحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهادهم معه وتضيحيتهم بأنفسهم وأموالهم نصرة لله ورسوله.

قال الله: (لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا ‌وَيَنصُرُونَ ‌ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ

وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ)

فضيلة زمن الصحابة

لقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضيلة زمن الصحابة على غيرهم من أهل الأزمان الذين يأتون من بعدهم فقال:

(خير أمتي قرني، ‌ثم ‌الذين ‌يلونهم، ‌ثم ‌الذين ‌يلونهم – قال عمران رواي الحديث عن النبي: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا –

ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن)[البخاري]

قول علماء الإسلام في الصحابة

لقد عرف علماء الإسلام فضل الصحابة على غيرهم وأنهم أفضل من كل من جاء من بعدهم، وأن من يقع في الصحابة ويتهمهم فهو المتهم في دينه على الحقيقة.

قال الإمام أبو زرعة الرازي: “إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ ،

وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ حَقٌّ ، وَالْقُرْآنَ حَقٌّ ، وَمَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ، وَإِنَّمَا أَدَّى ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَيْنَا الصَحَابَةُ،

وَهَؤُلَاءِ – يُرِيدُ الزَّنَادِقَةَ وَأَشْبَاهَهُمْ – يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى، وَهُمْ زَنَادِقَةٌ”

Exit mobile version