من الفضائل العظيمة لمصر أنها هاجر إليها كثير من الأنبياء، وهناك أنبياء آخرون ولدوا بها، لذلك فهي لا تخلوا من الأماكن الشريفة المقدسة والمساجد الشهيرة.
الوادي المقدس
قال الله: (وَهَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ * إِذۡ رَءَا نَارٗا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدٗى * فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِيَ يَٰمُوسَىٰٓ * إِنِّيٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخۡلَعۡ نَعۡلَيۡكَ إِنَّكَ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوٗى).
والوادي المقدس هو الموضع الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام واختصه برسالته، وهو الوادي المبارك، وهو موضع في أسفل جبل الطور بسيناء، وطوى اسم لذلك الوادي المقدس.
جبل الطور
قال الله: (وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مُوسَىٰٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ مُخۡلَصٗا وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا).
لما رجع نبي الله موسى من مدين ومعه زوجته نودي من جانب جبل الطور الذي بسيناء والأيمن وصف ليمين موسى؛ لأنه ليس للجبل يمين ولا شمال.
وقال الله: (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).
رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل
لما أرسل الله نبيه موسى بالتوراة وأمر بني إسرائيل بالعمل بأحكام الله التي فيها، تباطؤا وتثاقلوا عن العمل بأوامر الله فرفع الله فوقهم جبل الطور تهديدا لهم ليقبلوا العمل بأحكام التواراة التي فرضها الله عليهم.
فقال الله: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
عيون موسى
قال الله: (وَإِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ فَقُلۡنَا ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ فَٱنفَجَرَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا عَشۡرَةَ عَيۡنٗاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۖ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ مِن رِّزۡقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ).
لقد ذكر الله بني إسرائيل بنعمه عليهم بأن أمر نبيه موسى بأن يضرب الحجر بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وهي بعدد أسباط بني إسرائيل.
وتلك كانت معجزة من الله لنبيه موسى، فكان لكل سبط أي قبيلة بلغة العرب عين يشربون منها.
وتسمى هذه عيون موسى وهي عيون مائية يعتقد أنها العيون التي فجرها موسى بضربه الحجر بعصاه وكانت على عدد اسباط بني إسرائيل وهي تقع في جنوب سيناء.
انفلاق البحر الأحمر
من المعجزات التي خلد القرآن ذكرها في القرآن والتي وقعت بمصر معجزة انفلاق البحر لنبي الله موسى حيث قال الله:
(فَلَمَّا تَرَٰٓءَا ٱلۡجَمۡعَانِ قَالَ أَصۡحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدۡرَكُونَ * قَالَ كَلَّآۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهۡدِينِ * فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ)
لما اشتد الكرب على بني إسرائيل عندما اتبعهم فرعون بجنوده ورأوا أنهم بين عدو من ورائهم وهو فرعون وجنوده، والبحر من أمامهم وهو البحر الأحمر وكان يسمى قديما ببحر القلزم.
فإما أن يموتوا قتلا وإما أن يموتوا غرقا، فكان من أمر الله أن أمر نبيه موسى فانشق البحر اثنا عشر طريقا على عدد أسباط بني إسرائيل وكان الماء بين هذه الطرق كالجبل فلما خرج موسى وأصحابه ودخل فرعون وجنوده أطبق البحر عليهم فأغرقهم.
أشهر الجوامع التي بنيت بمصر
جامع عمرو بن العاص
هو أول جامع بناه عمرو بن العاص لما فتح مصر، وكانت تقام فيه الجمعة وحده؛ لأنه لم يكن هناك مسجد سواه، ويسمى بتاج الجوامع.
وكان طوله خمسين ذراعا في عرض ثلاثين. ويقال: إنه وقف على إقامة قبلته ثمانون رجلا من الصحابة، منهم الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو ذر، وأبو بصرة، ومحمية بن جزء الزبيدي، ونبيه بن صواب، وفضالة بن عبيد، وعقبة بن عامر، ورافع بن مالك وغيرهم.
جامع أحمد بن طولون
كان جامع عمرو بن العاص أول مسجد تقام فيه الجمعة فلما جاء عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس من العراق في طلب مروان الحمار سنة 133 ونزل عسكره في شمالي الفسطاط بنو هناك الأبنية فسمي هذا الموضع بالعسكر وأقيمت هناك الجمعة.
فلما بنى السلطان أحمد بن طولون جامعه حين بنى القطائع أبطل الجمعة في جامع العسكر وبقيت الجمعة في جامع عمرو وجامع ابن طولون.
ويعرف موضع هذا الجامع بجبل يشكر، قال ابن عبد الظاهر: وهو مكان مشهور بإجابة الدعاء، وقيل: إن موسى عليه صلاة والسلام ناجى ربه عليه بكلمات.
وابتدأ في بناء هذا الجامع الأمير أبو العباس أحمد بن طولون بعد بنائه القطائع، وهي مدينة بناها ما بين سفح الجبل حيث القلعة الآن، وبين الكبارة وما بين كوم الجارح وقناطر السباع؛ فهذه كانت القطائع.
وكان ابتداء بنائه في سنة ثلاث وستين ومائتين، وفرغ منه سنة ست وستين، وبلغت النفقة عليه في بنائه مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار.
وقيل: إنه قال: أريد أن أبني بناء إن احترقت مصر بقي، وإن غرقت بقي، فقيل: تبني بالجير والرماد والآجر الأحمر، ولا تجعل فيه أساطين خام، فإنه لا صبر له في النار؛
فبنى هذا البناء، فلما كمل بناؤه أمر بأن يعمل دائرة منطقه عنبر معجون ليفوح ريحها على المصلين، وأشعر الناس بالصلاة فيه، فلم يجتمع فيه أحد،
وظنوا أنه بناه من مال حرام، فخطب فيه، وحلف أنه ما بني هذا المسجد بشيء من ماله، وإنما بناه بكنز ظفر به، وإن العشار الذي نصبه على منارته وجده في الكنز.
فصلى الناس فيه، وسألوه أن يوسع قبلته، فذكر أن المهندسين اختلفوا في تحرير قبلته، فرأى في المنام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقول: يا أحمد، ابن قبلة هذا الجامع على هذا الموضع؛
وخط له في الأرض صورة ما يعمل، فلما كان الفجر مضى مسرعا إلى ذلك الموضع؛ فوجد صورة القبلة في الأرض مصورة، فبنى المحراب عليها، ولا يسعه أن يوسع فيه لأجل ذلك، فعظم شأن الجامع، وسألوه أن يزيد فيه زيادة، فزاد فيه.حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة
الجامع الأزهر
هو أول جامع أسس بالقاهرة أنشأه جوهر الصقلي لما بنى القاهرة، وابتدأ بناءه في 359 ثم جدده الحاكم بأمر الله.
وكان الخليفة يخطب جمعة في جامع عمرو، وجمعة في جامع ابن طولون، وجمعة في الجامع الأزهر، فلما بنى الحاكم جامعه صار الخليفة يخطب فيه.
ولما تولى صلاح الدين الحكم تم وقف الخطبة في الجامع الأزهر وأقرت في الجامع الحاكمي لأنه كان أوسع وظل جامع الأزهر معطلا من الخطبة إلى أيام الظاهر بيبرس.