وضع الإسلام القواعد التي تنظم العلاقة بين الرجل والمرأة من أجل أن يغلق باب الفتنة حتى لا يقعوا في الحرام.
تعريف الخلوة بالأجنبية
الخلوة في اللغة معناها من خلا المكان إذا لم يكن فيه أحد ولا شيء فيه، والمرأة الخالية هي التي لا زوج لها.
والخلوة المنهي عنها في اصطلاح الفقهاء هي أن تكون المرأة مع الرجل في مكان يأمنان فيه من دخول ثالث.
الخلوة بالنفس
خلوة الإنسان بنفسه للذكر والعبادة والتفكر والتأمل مستحبة، فقد حبب الله إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الخلاء قبل البعثة، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت:
(أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح،
ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء…)[البخاري]
قال الإمام النووي: “الخلوة شأن الصالحين وعباد الله العارفين”.
خلوة الرجل بالمرأة
لا شك أن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية بحيث يكونان في موضع واحد، منفرد كل منهما بالآخر، ويأمن كل منهما من دخول ثالث عليهما أمر شديد الخطورة؛ وذلك لأن الشيطان ينشط في مثل هذه الحالات حتى يوقع الشر بينهما.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ألا لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له، فإن ثالثهما الشيطان، إلا محرم فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد)[أحمد]
خلوة الرجل بالمرأة أمام الناس
إذا خلا الرجل بالمرأة بحيث لا يغيبان عن الناس وإنما يكونان بمرأى ومسمع من الناس فإن هذا لا يعتبر من الخلوة المحرمة إذا لم يكن بينهما تجاوز في الكلام وإنما كان من أجل تعليم أو قضاء حاجة.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فخلا بها)[البخاري]
قال الإمام النووي: “هذه المرأة إما محرم له كأم سليم وأختها، وإما المراد بالخلوة أنها سألته سؤالا خفيا بحضرة ناس ولم تكن خلوة مطلقة وهي الخلوة المنهي عنها “.
وقال الإمام ابن حجر: (وفيه سعة حلمه وتواضعه صلى الله عليه وسلم وصبره على قضاء حوائج الصغير والكبير وفيه أن مفاوضة المرأة الأجنبية سرا لا يقدح في الدين عند أمن الفتنة).
خلوة الخاطب بالمخطوبة
لا يجوز للخاطب أن يخلو بمخطوبته خلوة مطلقة بحيث يأمنان من دخول ثالث عليهما حتى لا يقع ما لا تحمد عقباه.
لكن الخلوة التي لا ينفرد فيها الخاطب بمخطوبته وإنما يكون في حضرة الأهل أو بمرأى ومسمع منهم فلا حرج فيها.
من هي المرأة الأجنبية
المرأة الأجنبية عن الرجل هي المرأة التي لا تكون زوجة للرجل ولا تكون من محارمه.
والمحارم هن من يحرم على الرجل الزواج منهن على التأبيد بسبب القرابة كالأم والأخت والبنت وبنت الخت والعمة والخالة.
أو الرضاعة كالأم التي أرضعته صغيرا فإنها تحرم عليه ويحرم عليه بناتها؛ لأنهن أخواته فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو المحرمات بالمصاهرة وهي أم الزوجة فإنها من المحرمات على التأبيد.
وأصل تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة وإلا معها محرم).
فقام رجل فقال: يا رسول الله، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال: (اذهب، فحج مع امرأتك)[البخاري]
أقارب الزوج
حرم الإسلام دخول أقارب الزوج على زوجته في حال غيابه لئلا يقع المكروه فيؤدي ذلك إلى طلاق المرأة أو إقامة الحد عليها لأجل ذلك شبه رسول الله دخول الواحد أقارب الزوج على المرأة في غياب الزوج بالموت.
عن عقبة بن عامر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم والدخول على النساء). فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو الموت)[البخاري]
والحمو هم أقارب الزوج الذين ليسوا بمحارم للمرأة كأخو الزوج وعمه وخاله وأبنائهم، وشبه رسول الله دخولهم على الزوجة بالموت؛ لأن دخولهم على الزوجة أسهل من دخول الأجانب وأقرب لوقوع الجريمة فيكون الشر والفتنة.
النهي عن المبيت عند امرأة
نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المبيت عند امرأة بأي حال من الأحوال إلا أن يكون زوجا لها أو يكون واحدا من محارمها.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم)[مسلم]
قال العلماء: إنما خص الثيب لكونها التي يدخل إليها غالبا، وأما البكر فمصونة متصونة في العادة، مجانبة للرجال أشد المجانبة، فلم يحتج إلى ذكرها.
ولأنه من باب التنبيه، لأنه إذا نهى عن الثيب التي يتساهل الناس في الدخول عليها، في العادة، فالبكر أولى.
خلوة الرجل بعدد من الأجنبيات
خلوة الرجل بعدد من النساء الأجنبيات، أو خلوة الرجال بالمرأة مما اختلف فيه العلماء، فقال إمام الحرمين: كما يحرم على الرجل أن يخلو بامرأة واحدة، كذلك يحرم عليه أن يخلو بنسوة، ولو خلا رجل بنسوة، وهو محرم إحداهن جاز.
وكذلك إذا خلت امرأة برجال، وأحدهم محرم لها جاز، ولو خلا عشرون رجلا بعشرين امرأة، وإحداهن محرم لأحدهم جاز.
قال: وقد نص الشافعي على أنه لا يجوز للرجل أن يصلي بنساء منفردات، إلا أن تكون إحداهن محرما له.
وحكى صاحب العدة عن القفال مثل الذي ذكره إمام الحرمين، وحكى فيه نص الشافعي في تحريم خلوة الرجل بنسوة منفردا بهن.
وقد ذكر صاحب المجموع بعد إيراد الأقوال السابقة أن المشهور جواز خلوة رجل بنسوة لا محرم له فيهن؛ لعدم المفسدة غالبا؛ لأن النساء يستحيين من بعضهن بعضا في ذلك.[الموسوعة الفقهية الكويتية]