الاختلاف نقيض الاتفاق، واختلف الـأمران لم يتفقا، والخلاف فيه التضاد وخالف إلى الشيء عصاه إليه.
الفرق بين الخلاف والاختلاف
قد يستعمل الاختلاف والخلاف عند الفقهاء بالمعنى اللغوي، وفرق بعضهم بين الخلاف والاختلاف فقالوا: الخلاف هو الرأي المخالف بلا دليل، لكن الاختلاف هو الرأي المخالف وقد بني على الدليل.
أنواع الخلاف
الخلاف أنواع منه ما يكون خلافا ومنه ما لا يكون خلافا مثل:
اختلاف العبارة
كأن يعبر كل واحد عن المعنى المراد بعبارة تختلف عن الآخر لكنها في النهاية تدل على معنى واحد وإن اختلفت العبارات مثل تفسير قول الله: (اهدنا الصراط المستقيم).
فبعضهم عبر عن الصراط المستقيم بأنه الإسلام، ومنهم من قال هو القرآن، ومنهم من قال السنة والجماعة، وكلها عبارات مختلفة لكن المعنى واحد فالقرآن هو الإسلام وكلاهما منهج السنة والجماعة.
اختلاف تنوع
كأن يذكر كل واحد من المختلفين نوعا واحدا من العام الذي ورد في القرآن لا يريد به الحصر وإنما يريد ذكر نوع من هذا العام، كقول الله: (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات).
فمنهم من قال السابق الذي يأتي بالصلوات في أوقاتها، ومنهم من قال المحسن بالصدقة، والمقتصد هو الذي يأتي بالصلاة في أثناء الوقت، ومنهم من قال المقتصد في البيع،
والظالم لنفسه من يأتي بالعصر بعد الاصفرار، ومنهم من قال آكل الربا، وكل هذا اختلاف تنوع قد يكون المقصود جميع ما ذكر.
اختلاف التضاد
وهذا هو الاختلاف الحقيقي الذي يقع بين الفقهاء ففي حين يحكم أحدهم بالوجوب يحكم الآخر بالاستحباب، وفي حين يحكم أحدهم بالحرمة يحكم الآخر بالجواز أو الكراهة.
جواز وقوع الاختلاف
من أدلة جواز وقوع الاختلاف ما حدث في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الصحابة -رضوان الله عليهم- حيث أمرهم رسول الله بألا يصلي أحد منهم العصر إلا في بني قريظة.
فلما حضرت الصلاة أثناء الطريق اختلفوا فمنهم من التزم بمنطوق لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال لا نصلي إلا في بني قريظة.
ومنهم من أخذ بمفهوم لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالوا بل أراد رسول الله أن نتعجل في السير إليهم، فصلوا في الطريق.
فلما ذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر على أحد منهم بل أقر الفريقين.
عن ابن عمر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا لما رجع من الأحزاب: (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة).
فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم)[البخاري]
هل الاختلاف رحمة؟
الاختلاف بين العلماء في الفروع رحمة وسعة للأمة، قال عمر بن عبد العزيز: “ما أحب أن أصحاب رسول الله لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولا واحدا كان الناس في ضيق، وأنهم أئمة يقتدى بهم، فلو أخذ أحد بقول رجل منهم كان في سعة”.
وقال ابن عابدين: “الاختلاف بين المجتهدين في الفروع -لا مطلق الاختلاف- من آثار الرحمة فإن اختلافهم توسعة للناس”. قال: “فمهما كان الاختلاف أكثر كانت الرحمة أوفر”.
وقد ذهب البعض إلى ذم الاختلاف فقال مالك بن أنس: “ليس في اختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سعة، وإنما الحق في واحد”.
وتوسط ابن تيمية بين الاتجاهين، فرأى أن الاختلاف قد يكون رحمة، وقد يكون عذابا. فقال: النزاع في الأحكام قد يكون رحمة إذا لم يفض إلى شر عظيم من خفاء الحكم، والحق في نفس الأمر واحد، وقد يكون خفاؤه على المكلف -لما في ظهوره من الشدة عليه- من رحمة الله به، فيكون من باب: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم).
أسباب الاختلاف
للاختلاف بين الفقهاء أسباب عديدة منها:
1 – أن يكون الاختلاف ناشئا عن هوى وليس عن دليل، وهذا أمر مذموم فلم يذكر الهوى في القرآن إلا مذموما.
2 – الاختلاف بين الفقهاء الناشيء عن دليل أو عن اختلاف في القواعد الأصولية المتعلقة بالمسألة.
متى يكون الإنكار على المخالف؟
من القواعد التي وضعها الفقهاء هي قاعدة: “لا ينكر في المختلف فيه ولكن ينكر في المجتمع عليه”.
فالمسائل التي ينكر فيها على المخالف أن يكون في المسائل المتفق عليها بين العلماء أما المسائل المختلف فيها لا ينكر فيها إذا كان هذا الإنكار سيؤدي لمنكر أكثر منه.
حكم الخروج من الخلاف
إذا اختلف العلماء في مسألة من المسائل فرأى بعضهم الاستحباب وبعضهم الوجوب فإن الخروج من الخلاف يكون بفعل الواجب كما ذهب السيوطي من الشافعية.
مثل الاختلاف في الدلك في الطهارة فمنهم من قال بالوجوب ومنهم من قال بالاستحباب.
شروط الخروج من الخلاف
للخروج من الخلاف شروط منها:
1 – ألا يخالف سنة ثابتة.
2 – أن يقوى دليله بحيث لا يعتبر هفوة من صاحبه.
للاطلاع على المزيد: