معرفة الله ومحبته من الواجبات على المسلم
الأساس الضعيف ينشأ وينتج عنه بناء ضعيف، والمعرفة الضعيفة بالله يترتب عليها إيمان ضعيف.
معرفة الله
عاب الله أقواما لم يعرفوا الله حق معرفته، وترتب على عدم معرفتهم بالله أنهم لم يعظموا الله حق تعظيمه، قال الله: (مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
الخوف من الله من أمارات معرفة الله
من العلامات التي تدل على معرفة الله هو حصول الهيبة من الله عند سماع ذكره، فمن ازدادت معرفته بالله إزدادت هيبته منه.
قال الله: (إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ).
ومن أمارات المعرفة الخوف من الله فمن عرف الله حق المعرفة كان أشد خوفا من الله.
السكينة والطمأنينة
من أمارات المعرفة حصول السكينة والطمانينة عند سماع اسم الله، قال الله: (ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ).
الشوق للقاء الله
ومن علامات المعرفة التبرم من الدنيا والشوق للقاء الله، عن عبادة بن الصامت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه).
قالت عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت، قال:
(ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه،
وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله وكره الله لقاءه)[البخاري]
هل تسقط التكاليف عن العارفين بالله
لا تسقط التكاليف عن أحد من المكلفين مهما بلغوا من المعرفة والإيمان، وإنما الإنسان يطلب منه الدوام على الطاعة ولا يسقط عنه التكليف حتى يدركه الموت، قال الله: (وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ).
ولو كان هذا جائزا لما لكان رسول الله أولى به فلم يصل أحد إلى درجة من المعرفة بالله توازي معرفة النبي -صلى الله عليه وسلم- بربه ومع ذلك لم يسقط عنه التكليف.
قال رجل للجنيد: من أهل المعرفة أقوام يقولون: إن ترك الحركات من باب البر والتقوى.
فقال الجنيد: إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال وهو عندي عظيم والذي يسرق ويزني أحسن حالا من الذي قول هذا.
فإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله تعالى وإلى الله تعالى رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة.
دليل وجوب محبة الله
قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ)
من هو الولي؟ وما مكانته عند الله؟
الولي هو العالم بدين الله المواظب على طاعته المخلص في عبادته، توعد الله أن من يتعرض لولي من أوليائه فكأنما بارز الله بالحرب، ومن حارب الله فقد عرض نفسه لغضب الله.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه،
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)[البخاري]
من يحبه الله يحبه الجميع
إذا أحب الله أحدا من خلقه أعلم جبريل بمحبته له وأعلم جبريل الملائكة بمحبة الله له، ثم يضع الله له القبول بين الخلق في الأرض.
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء:
إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في أهل الأرض)[البخاري]
معنى محبة الله للعبد
وصف الله نفسه بأنه يحب عبده، وأن العبد يحب ربه، ومحبة الله معناها إرادته لإنعام مخصوص على عبده. قال قوم: محبة الحق سبحانه للعبد مدحه له، وثناؤه عليه بالجميل.
وقال قوم: محبته للعبد من صفات فعله، فهو إحسان مخصوص يلقى الله العبد به، وحالة مخصوصة يرقيه إليها، كما قال بعضهم: إن رحمته بالعبد نعمته معه.
معنى محبة العبد لربه
قال أبو عبد الله القرشي: حقيقة المحبة أن تهب كذلك لمن أحببت فلا يبقى لك منك شيء، وقال الشبلي: سميت المحبة محبة لأنها تمحو من القلب ما سوى المحبوب.
وقال ابن عطاء: المحبة إقامة العتاب على الدوام.
وقيل: المحبة الإيثار كامرأة العزيز لما تناهت في أمرها قالت: (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين)
وفي الابتداء: (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم)
فبرأت نفسها من الذنب في الابتداء عليه، وفي الانتهاء نادت على نفسها بالخيانة.