تعرف على فضائل مصر في القرآن الكريم
من الفضائل التي يمنحها الله لمن شاء أنه يفضل بعض الناس والأزمنة والأمكنة على بعض وكان من الأمكنة التي فضلها الله على غيرها هي مصر.
كيف يكون التفضيل؟
التفضيل يهبه الله لمن شاء فقد يكون بتفضيل في دين بأن يجعل له المكانة العالية في الدنيا والآخرة.
وقد يكون بتفضيل في دنيا بأن يجعله مميزا على غيره في الدنيا لكنه ليس له نصيب في الآخرة.
وأما مصر فقد فضلها الله بذكرها في كتابه العزيز بأن بين مكانتها وفضلها، وما جعله فيها من الخصب والخير والنماء، وجعلها موضعا لأنبيائه ورسله، ومكانا يخرج منه أكابر العلماء والحكماء.
مكانة مصر والحرمين الشريفين
من الأماكن المعظمة في الأرض بيت الله الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى وهذا لا يمنع أن يكون في الأرض أماكن أخرى قد عظم الله شأنها وأظهر فضلها.
فليس معنى أن الله عظم تلك الأماكن أنه لا فضل لغيرها من الأماكن فكل له فضله ومكانته على قدره.
مصر بلد الأمن كبيت الله الحرام
لما رجع إخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بمكانة يوسف وأنه هو الحاكم المفوض من الملك وأنه يريد منهم أن يرحلوا إليه استجاب نبي الله يعقوب لطلبه.
وخرج نبي الله يعقوب من بلاد كنعان هو وأبناؤه متجهين إلى مصر حتى بلغوا موضع يوسف فقرب أبويه منه.
وكانت أمه قد ماتت قبل ذلك وكان أبوه متزوجا من أخت أمه فهي خالته، والخالة بمنزلة الأم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فأعطاهم أمانا عاما لهم ولدوابهم وأموالهم، وأذن لهم باستيطان أرض مصر، فقال كما حكاه القرآن عنه: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ).
وعلق نبي الله أمنهم على مشيئة الله للتبرك والتيمن وللخروج من حوله وقته إلى حول الله وقوته.
وقال الله عن البيت الحرام: (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا).
كان من الرؤى التي رآها رسول الله ورؤيا الأنبياء وحي من الله أنهم سيدخلون المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين.
ففرح المسلمون واستبشروا بذلك، وكان ذلك في صلح الحديبية فلما وقع صلح الحديبية على أن يرجعوا دون دخول البيت الحرام على أن يعودوا في العام المقبل حزن المسلمون لذلك؛
لأنهم ظنوا أن هذه الرؤيا لعامهم هذا لكن رسول الله أخبرهم أنه لم يخبرهم بأن هذا سيكون في عامهم هذا.
فأنزل الله هذه الآية التي تبين أنهم سيدخلون المسجد الحرام آمنين وهذا سيكون بمشيئة الله وحده وليس بسبب قوة المسلمين.
مصر دولة مدنية
منذ القدم ومصر دولة تتمتع بالحضارة والمدنية لذلك جاء وصفها في القرآن الكريم في الكثير من المواضع بالمدنية فقال الله عن النسوة اللاتي تحدثن عن امرأة العزيز التي وقعت في غرام يوسف:
(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ). وهذه المدينة هي منف
وتحدث القرآن عن زمان موسى -عليه السلام- الذي كان بعد يوسف بزمن طويل ووصف مصر بالمدنية فقال الله:
(وَدَخَلَ ٱلۡمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفۡلَةٖ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيۡنِ يَقۡتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِۦ وَهَٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ). وهي مدينة منف مدينة فرعون
ولما تكلم القرآن عن الرجل الذي جاء ناصحا لنبي الله موسى بالخروج لأن الملأ يأتمرون به وصفه الله بأنه جاء من أقصى المدينة فقال الله:
(وَجَآءَ رَجُلٞ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ يَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِيَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ).
مصر مدنية بين بلاد بدوية
في الوقت الذي كانت مصر تتمع فيه بالمدنية والحضارة كانت البلاد من حولها بدوية يعيشون على الزراعة ورعي الأغنام، حتى بلاد الشام لم تكن بها حضارة وإنما كانت بلادا بدوية، فقال الله:
(وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ
وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ).
قال الكندي: قال الله تعالى حكايةً عن يوسف -عليه الصلاة والسلام-: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ)، فجعل الشام بدوًا؛ وسمى مصر مصرًا ومدينةً.
مصر هي جنة الله في الأرض
عندما نتأمل في حديث القرآن عن مصر ووصفه لها مما جعلها فيها من الخير والنعمة نجد أن الله وصف مصر بما لم يصف به غيرها من بلاد الله في الأرض.
فقال الله عن مصر بعد أن أهلك فرعون وقومه: (كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ وَزُرُوعٖ وَمَقَامٖ كَرِيمٖ وَنَعۡمَةٖ كَانُواْ فِيهَا فَٰكِهِينَ).
وقال الله: (وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِيٓ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ فَأَرۡسَلَ فِرۡعَوۡنُ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَشِرۡذِمَةٞ قَلِيلُونَ
وَإِنَّهُمۡ لَنَا لَغَآئِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَٰذِرُونَ فَأَخۡرَجۡنَٰهُم مِّن جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ وَكُنُوزٖ وَمَقَامٖ كَرِيمٖ كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ).
لقد كان فرعون يعرف قدر النعمة التي فيها مصر لكنه كان يتجح بها في قومه وكأنه هو الذي وهب مصر كل هذه النعم حتى ادعى أنه هو ربهم الأعلى فقال الله:
(وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِي قَوۡمِهِۦ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِن تَحۡتِيٓۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ).
وصف مصر بالأرض
لما يئس إخوة يوسف من أخذ أخيهم بنيامين معهم إلى أبيه؛ لأن العزيز قد أخذه وكان العزيز هو أخوه يوسف وقد احتال لأخذه منهم،
فقال كبير إخوته لن أترك الأرض يقصد مصر حتى يأذن لي أبي بالرجوع فقال الله:
(قَالَ كَبِيرُهُمۡ أَلَمۡ تَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ أَبَاكُمۡ قَدۡ أَخَذَ عَلَيۡكُم مَّوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبۡلُ مَا فَرَّطتُمۡ فِي يُوسُفَۖ فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ حَتَّىٰ يَأۡذَنَ لِيٓ أَبِيٓ أَوۡ يَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِيۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَٰكِمِينَ).
جاء وصف مصر بالأرض كلها وكأن مصر هي عنوان للأرض كلها وما ذلك إلا لأنها اشتملت على كل الخيرات التي تشتمل عليها الأرض كلها فقال الله:
(إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعٗا يَسۡتَضۡعِفُ طَآئِفَةٗ مِّنۡهُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ).
للاطلاع على المزيد: