لفت الله أنظار المؤمنين إلى النظر في آيات الله في هذا الكون فقال الله: (إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَفِي خَلۡقِكُمۡ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ).
الانفجار العظيم
يحاول البعض الهروب من فكرة وجود إله خالق ومدبر لأمر هذا العالم وهو الله، فقالوا بأن النقطة التي وجد هذا الكون عندها هي نقطة الانفجار العظيم.
وخلاصة هذا الأمر أن الكون كان عبارة عن مادة منضغطة في نقطة صغيرة ثم انفجرت هذه المادة فخرج منها فنشأ عنها هذا الكون.
والحقيقة التي لا يستطيع أحد أن ينكرها هو أن هذا لا يمكن أن يثبت لنا أن الكون نشأ بعيدا عن قدرة الله؛
لأن هذا الانفجار نشأ عنه كون منظم وبديع، ونشأ عنه وجود مخلوقات منتظمة الشكل ومنتظمة الحركة، ونشأت مخلوقات معقدة للغاية، وهذا يؤكد أن للكون إلها، هو الذي أوجده من العدم.
استحالة وجود الكون بدون موجد
هل يعقل مثلا أن يكون هناك جبل من الرمال حاولنا أن نقوم بتفجيره، فلما قمنا بتفجيره تتناثر أجزاء هذا الجبل بشكل منتظم ومرتب ونشأ عنه وجود مخلوقات ليست من جنسه في غاية الدقة والتعقيد.
كل هذا يرفضه منطق العقل الذي يقطع بأن جبل الرمال إذا قمنا بتفجيره سينشأ عنه تناثر ذرات الرمال في كل مكان على شكل مبعثر ولن يخرج منه شيء جديد خارج عن تكوينه.
فمسبب هذا هو الله الذي أخبرنا عما توصل إليه العلماء قبل ما يزيد على 1400 عام، فقال الله:
(أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ).
حركة النجوم
يتكلم علماء الفلك عن حركة النجوم ويقولون: إن هذه النجوم متحركة وهي تبتعد عن الأرض باستمرار وتبتعد عن بعضها وكل شيء في هذا الكون يبتعد عن بعضه البعض.
وهذا يعني أن هذا الكون في حالة اتساع دائم، وهذا ربما يشير إلى ما ذكرناه منذ قليل من أن الكون كله كان كتلة واحدة، ثم انفجرت هذه الكتلة فتكون عنها هذا الكون وهو لا يزال في حالة اتساع بتباعد أجزائه بعضها عن بعض.
قال الله: (وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ).
ثم يعود هذا الكون لحالة النقص مرة أخرى ثم يكون بعد ذلك الفناء، قال الله:
(أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ).
وقال الله: (بَلۡ مَتَّعۡنَا هَٰٓؤُلَآءِ وَءَابَآءَهُمۡ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۗ أَفَلَا يَرَوۡنَ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَآۚ أَفَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ).
تشابه حالة الكون مع الإنسان
السؤال هنا أليست عملية اتساع الكون هذه تشبه تماما دورة حياة الإنسان الذي يبدأ صغيرا للغاية في بطن أمه،
ثم يزداد حجمه شيئا فشيئا حتى تضيق بطن أمه به ثم يخرج للوجود صغيرا ثم يزداد حجمه شيئا فشيئا ثم يعود للضعف من جديد ثم يدركه الموت.
أليس هذا تماما يتشابه مع حالة هذا الكون الذي يتسع شيئا فشيئا ثم يعود للنقص مرة أخرى ثم يكون الفناء.
قال الله: (ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعۡفٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ ضَعۡفٖ قُوَّةٗ ثُمَّ جَعَلَ مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٖ ضَعۡفٗا وَشَيۡبَةٗۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡقَدِيرُ).
لنتأمل في الكون من حولنا
كيف نشأ هذا الكون؟ هل هو الذي أنشأ نفسه؟ أم هل نشأ من العدم؟ أم أنشاه قادر حكيم؟
الحقيقة إن الكون لا يستطيع أن ينشأ نفسه لأنه لا عقل له ولا علم ولا حكمة وإنما هو مخلوق مسير.
ولا يمكن للكون أن ينشأ من العدم لأن العدم لا يوجد شيئا، فلا احتمال إلا أن يكون للكون إله قادر على إيجاد تلك المخلوقات وضبط أمرها وتسييرها.
فالله هو الذي أوجد النجوم والكواكب وهو الذي نظم لها أمرها وسيرها بحكمته وقدرته، وهو الذي أوجد الإنسان من العدم.
وهو الذي جعل هذه الأرض السوداء التي يأنف الإنسان منها إذا أصابت بدنه ويتأفف من رائحتها قادرة على إخراج هذا النبات اللذيذ والحامض، وهذه الزهور ذات الروائح الطيبة والمنظر الجميل الجذاب، كيف لهذه الأرض أن تخرج لنا كل هذا وهي لا قدرة ولا علم لها وإنما هي جماد مأمور.
الدقة في بعد الشمس
هل تأملنا يوما في تناسق هذا الكون في أجزائه لتنسمج كل أجزائه مع بعضها، فخلق الله الشمس لتوصل لنا الدفء،
فوضعها على بعد معين من الأرض لو أنها اقتربت أكثر من الأرض لذاب كل شيء في الأرض من شدة حرارتها،
ولو أنها ابتعدت أكثر لتجمد كل شيء على الأرض، لكن الله ثبتها بدقة لا نهاية لها؛ لتكون نافعة للإنسان وللأرض التي يعيش عليها.
الماء هو مصدر الحياة
لأن كل الأحياء على وجه الأرض في حاجة إلى الماء، وجعل الله حياة كل الأحياء مرتبط بالماء؛
لذلك كان ثلاثة أرباع الأرض مغطى بالماء، وهذا ليس موجودا في الكواكب الأخرى لذلك ليس عليها حياة، فهل يمكن أن يكون هذا الترتيب وقع مصادفة دون وجود إله خالق حكيم.
أهمية وجود الفضاء
هذا الفضاء الذي يحيط بتلك الأرض التي نعيش عليها يمثل لنا الدرع الذي يقينا من تلك الأضرار التي تهددنا،
فهناك الكثير من النيازك التي تتساقط في كل يوم فإذا سقط شيء من تلك النيازك على الكواكب الأخرى يحدث بها الكثير من الأضرار،
لكنها إذا نزلت على الأرض لا تؤثر فيها شيئا لأن هذا الفضاء يعمل كالدرع الواقي للأرض من أي ضرر بلحقها من تلك النيازك.