نظرة الإسلام للعصاة والمذنبين تعرف على ذلك

من صفات المؤمنين أنهم إذا وقعوا في الذنب يستعظمونه كأنه جبل سيقع عليهم، أما المنافق فيستخف بما يرتكتبه من الذنوب.

استعظام الذنب

المنافق يستخف بذنبه فلا يراه كبيرا مهما كان؛ لذلك يكون أشد جرأة على فعله، وأما المؤمن فيستعظم ما يصدر عنه من الذنب مهما كان قليلا؛ لأنه يدرك عظمة من يعصيه لذلك يكون أشد الناس تحريا لنفسه وحرصا على ألا يقع في الذنب.

فالإيمان الحقيقي هو الذي يجعل الإنسان يستشعر عظمة من يعصيه فإذا قل الإيمان في القلب أو خلا القلب منه تجرأ صاحب القلب خالي من الإيمان على المعصية.

قال عبد الله بن مسعود: (إن المؤمن ‌يرى ‌ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر ‌يرى ‌ذنوبه كذباب مر على أنفه) فقال به هكذا. قال أبو شهاب بيده فوق أنفه.[البخاري]

طلب المغفرة من الرسول

لقد أمر الله هؤلاء المذنبين على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا وقعوا في المعصية وتركوا طاعة الله أن يطلبوا المغفرة لأنفسهم من الله.

وأن يطلبوا من الرسول أن يطلب لهم المغفرة من الله فإنهم إذا فعلوا ذلك وجدوا الله رحيما بهم مسامحا لهم على ما وقعوا فيه من معصية.

قال الله: (وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ ‌لَهُمُ ‌ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا)

محاورة النبي لمن جاء يطلب الإذن بالزنا

لما جاء شاب يطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- الإذن بالزنا لم يزجره رسول الله ولم ينهره وإنما كان رحيما به مشفقا عليه وخاطب عقله ليبين له شناعة ما يطلب.

وبين له أنه كما لك محارم تخاف عليها وتشعر بالعار إذا تعرض أحد منهن لأذى، فإن الناس أيضا لهم محارم يتألمون إذا تعرضن للأذى.

عن أبي أمامة قال: إن فتى شابا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ‌ائذن ‌لي ‌بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه. مه. فقال: (ادنه، فدنا منه قريبا).

قال: فجلس قال: (أتحبه لأمك؟) قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم).

قال: (أفتحبه لابنتك؟) قال: لا. والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم). قال: (أفتحبه لأختك؟) قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس يحبونه لأخواتهم).

قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس يحبونه لعماتهم). قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا. والله جعلني الله فداءك.

قال: (ولا الناس يحبونه لخالاتهم). قال: فوضع يده عليه وقال: (اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه) قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.[أحمد]

الأعمال الصالحة وتكفير الصغائر

من فضل الله ورحمته بالإنسان أنه جعل الأعمال الصالحة تكفر ما يقع الإنسان فيه من الذنوب الصغائر طالما أنه ليس مصرا على ارتكاب الصغائر وليس مرتكبا للكبائر.

عن ‌عبد الله بن مسعود قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني ‌عالجت ‌امرأة في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا فاقض في ما شئت فقال له عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك.

قال: فلم يرد النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا، فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلا دعاه، وتلا عليه هذه الآية:

(وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) فقال رجل من القوم: يا نبي الله هذا له خاصة؟ قال: بل للناس كافة.[مسلم]

فاجتناب الكبائر سبب من أسباب مغفرة الصغائر، قال الله: (إِن تَجۡتَنِبُواْ ‌كَبَآئِرَ ‌مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا).

والأعمال الصالحة تكفر الذنوب الصغائر إذا اجتنب الإنسان الكبائر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌الصلوات ‌الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر)[مسلم]

Exit mobile version