العادة السرية في ضوء الشرع الحنيف والطب الحديث
العادة السرية من أشد الأمور خطورة على فاعلها من الناحية الجسدية والنفسية لذا نهى عنها الشرع وحذر منها الطب.
تعريف العادة السرية أو الاستمناء
العادة السرية لفظ مستحدث يطلق على ما يسمى عند العلماء بالاستمناء، والاستمناء معناه: إخراج المني بغير جماع سواء أكان باليد أم بغيرها، وسمي الاستمناء بالعادة السرية لأن فاعلها يقوم بها في السر حال الخلوة بنفسه.
جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة (3/ 2130): استمنى الصبي: مارس العادة السرية، طلب اللذة الجنسية منفردا باستنزال المني بدون جماع.
حكم العادة السرية
العادة السرية الصواب أنها محرمة بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون: 5-7].
فوصف الله تعالى من أفرغ شهوته في غير الزوجة وملك اليمين بأنه من العادين.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- مخاطبا الشباب: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)[متفق عليه].
فدل النبي -صلى الله عليه وسلم- الشباب على الزواج عند القدرة على تكاليفه وأعبائه المادية، فإذا قصرت اليد عن النفقة، وتاقت نفس المرء إلى الشهوة ولم يجد إليه سبيلا، فوصف -صلى الله عليه وسلم- الصيام عند ذلك؛ ليرد عنه الشهوة، ولو كان الاستمناء جائزاً لدلهم عليه -صلى الله عليه وسلم-.
وسائل التخلص من العادة السرية
لكي تعتدل الناحية الجنسية، ولا يلجأ الشباب إلى هذه العادة التي تضر الجسم والعقل، وتغري بالسوء، فيجب التخلص من هذه العادة، ومما يساعد على التخلص منها أمور:
- المبادرة إلى الزواج عند الإمكان ولو كان بصورة مبسطة لا إسراف فيها ولا تعقيد.
الاعتدال في الأكل والشرب حتى لا تثور الشهوة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا المقام أوصى بالصيام في الحديث الصحيح. - البعد عن كل ما يهيج الشهوة كالاستماع إلى الأغاني الماجنة، والنظر إلى الصور الخليعة، مما يوجد بكثرة في الأفلام بالذات، وتجنب الاستثارة بتداول المواد الإباحية أو الدخول للمواقع الإلكترونية المشبوهة.
- تخير الأصدقاء المستقيمين، والانشغال بالعبادة عامة، وعدم الاستسلام للأفكار.
- الاندماج في المجتمع بالأعمال التي تشغله عن التفكير في الجنس، واستغلال أوقات الفراغ في هوايات مفيدة مثل القراءة.
- عدم الرفاهية بالملابس الناعمة، والروائح الخاصة التي تفنن فيها من يهمهم إرضاء الغرائز وإثارتها.
- عدم النوم في فراش وثير يذكر باللقاء الجنسي.
- البعد عن الاجتماعات المختلطة التي تظهر فيها المفاتن، ولا تراعى الحدود.
- تذكر عقاب الله تعالى، واستشعار نظره إليك ساعة فعل المعصية.
- الحرص على التوبة، وعدم القنوط من رحمة الله، والتوبة لا تتم إلا بترك الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه إبداً.
- ممارسة الرياضة يوميا لها أثر كبير في تجنب إدمان العادة السرية.
وجوب الطهارة لمن مارس العادة السرية
يجب الغسل إذا خرج المني بشهوة من ذكر أو أنثى، وممارسة العادة السرية إن ترتب عليها خروج مذي لزم الوضوء، وغسل الفرج لمن أراد أن يصلي.
وإن ترتب عليها خروج مني لزم الغسل من الجنابة، وإن لم يترتب عليها شيء من ذلك، فلا يلزم الممارس لها شيء من حيث الطهارة.
فمن مارس العادة السرية وتبع ذلك خروج مذي أو مني، ولم يتوضأ من المذي أو يغتسل من المني وصلى فإن صلاته تلك باطلة، وعليه إعادتها.
وإن كانت ممارسة العادة السرية لم يترتب عليها شيء مما ذكر، فالصلاة صحيحة، وعليك التوبة إلى الله تعالى من ممارسة العادة السرية على كل حال.
هل هناك مسوغ لممارسة العادة السرية؟
العادة السرية محرمة ولا يسوغ لك فعلها، ومن وصل به الأمر إلى حال تجعله إما أن يزني، وأما أن يفعل العادة السرية، فليرتكب حينئذ أخف الضررين، وتذكر قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) [الطلاق: 2].
فقدم دائماً تقوى الله وطاعته وستجد يقيناً أن الله معك، واستشعر مراقبة الله لك، ثم غض البصر، فأنت إذا حافظت على غض البصر فلن تضطر إلى العادة السرية، لأن الله تعالى يقول:
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30].
التوبة من العادة السرية
النصيحة للشباب والشابات الحذر؛ لأن هذه العادة يتعاطاها النساء والرجال جميعاً، فيجب الحذر من هذه العادة القبيحة، ولا يجوز فعلها لا للرجال ولا للنساء، لا للشباب ولا للشيب، بل يجب تركها والحذر منها؛ لأنها مخالفة لنص كتاب الله.
والله جلَّ وعَلا حرَّم علينا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأوجب علينا التوبة النصوح من جميع الذنوب، فقال سبحانه وتعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31].
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) [التحريم:8]، وقال سبحانه: (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة:74].
فهذه الآيات وما جاء في معناها كلها تدل على وجوب التوبة، وأنه سبحانه وتعالى قد فتح أبوابها ويسرها لعباده، وعلينا الحذر من مكائد الشيطان،
فإن الشيطان عدو مبين، وله نواب من الإنس يدعون إلى الفواحش والمنكرات ويحببونها، واحذر فقد ينزل بك الأجل وأنت على معاصي الله سبحانه وتعالى، فيحال بينك وبين التوبة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وإن أسرفت على نفسك في المعاصي كثيرا، ثم تبت وعدت للذنب مرة ثانية، فتذكر قول الله تعالى: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53]
فقد أجمع العلماء أن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن التائبين، فمن تاب من ذنوبه توبة نصوحا غفر الله له ذنوبه جميعا لهذه الآية الكريمة، فعلق سبحانه تكفير السيئات ودخول الجنات في هذه الآية بالتوبة النصوح، وهي التي اشتملت على ترك الذنوب والحذر منها، والندم على ما سلف منها، والعزم الصادق على ألا يعود فيها تعظيما لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذرا من عقابه.
أضرار العادة السرية طبيا
العادة السرية تهدد شريحة كبيرة من الشباب ممن يتعرضون إليها، خاصة مع انتشار أقاويل كثيرة حول تأثيرها السلبي على الصحة الجنسية والنفسية والجسدية بوجه عام،
فقد يكون البعض منها صحيح والبعض الآخر هو مجرد شائعات خاطئة ليس لها أي أساس من الصحة، والتي يجب تصحيحها للشباب ومناقشتها طبيًا لتجنب الأضرار الحقيقية لممارسة العادة السرية وتجنب إدمانها.
ولقد قرر الأطباء أن ممارسة العادة السرية تؤدي إلى أضرار بدنية، ونفسية، فهي تستنفد قوى البدن، وتسبب الاكتئاب، وتشغل فاعلها عن الواجبات، وقد تقوده إلى ارتكاب الفواحش،
فكثير من الرجال يصاب بالضعف الجنسي بسبب هذه العادة ويظهر ذلك جلياً عند الزواج، بل إن الكثير ممن اعتادوا ذلك لم يفلحوا في الزواج، فوقع الطلاق.
ومنهم من استمر في هذه الممارسة بعد الزواج وبعد إنجاب الأطفال ولا يزال يبحث عن طريق الخلاص، أما الفتاة فقد تزول (بكارتها) بفعلها كما يقول الأطباء،
وإذا كانت تمارس العادة السرية بصورة مستمرة ومتكررة ولمدة طويلة، فإن قدرتها على الاستمتاع بعد الزواج يمكن أن تتأثر فلا تشعر بما تشعر به الفتيات اللاتي لا يمارسن تلك العادة ولا يرين متعة فيها،
وقد تصل إلى مرحلة الإدمان، وهو من أخطر الأمور، وما كان مضراً طبياً فهو محظور شرعاً وهذا محل اتفاق بين الفقهاء.
وتكرار الممارسة خاصة بشكل مفرط يسبب احتقان البروستاتا نتيجة التعرض المستمر للإثارة الجنسية دون إشباع جنسي كامل، وتكرار احتقان البروستاتا قد يؤدي إلى الإلتهاب.
بعض المعلومات المغلوطة عن أضرار العادة السرية
العادة السرية حملت في كثير من الأزمنة، وفي التراث معلومات كثيرة مغلوطة، ومنها أنها تسبب العمى، وفقدان العقل، وتآكل الركبتين، والعقم، ونفاذ الرصيد من السائل المنوي،
وضعف الانتصاب العضوي أي تسبب تدمير لأنسجة الذكر، وتؤثر على الإنجاب، وتسبب العقم، وتسبب نقص في هرمون الذكورة، وهذا كلام غير صحيح، والعادة السرية لا تسبب هذه الأضرار على الإطلاق.