لم يكن العرب في الجاهلية يعترفون بالديانة المسيحية كما كانوا يعترفون بالديانة اليهودية التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية.
سبب عدم اعتراف العرب بالمسيحية
لعل من الأسباب التي جعلت العرب لا يعترفون بالديانة المسيحية هو وجود اليهود بينهم، فقد كان هؤلاء اليهود يجاورون العرب في الجزيرة العربية، وكانوا العرب يؤمنون بأن اليهود أهل علم وكتاب وكانوا يصدقونهم فيما يقولون.
ومعلوم أن اليهود ينكرون الديانة المسيحية ولا يؤمنون بالمسيح ابن مريم مع أن المسيحية تؤمن باليهودية مع المسيحية.
دليل عدم اعتراف العرب بالمسيحية
كان هؤلاء العرب لا يعترفون بالديانة المسيحية ولا بالمسيح -عليه السلام- وكانوا إذا أرادوا أن يعبروا عن المسيحية يصفونها بالملة الآخرة كما ورد ذلك في القرآن.
قال الله: (مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ).
فهؤلاء المشركون يقولون عما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من التوحيد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة وهي ملة عيسى فإنها لم تأت بالتوحيد وإنما جاءت بالتثليث، فما جاء به محمد ما هو إلا اختلاق.
والتعبير بالملة الآخرة يفيد نوعا من التحقير ونزول القدر والمكانة، كما في قول الله: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)
تفضيل العرب للأصنام على المسيح
هؤلاء العرب كانوا يفضلون عبادة الأصنام على المسيح عليه السلام، قال الله:
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ).
روي أن ابن الزبعرى لما سمع النبي يقرأ قول الله: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ).
أهذا لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال النبي لكم ولجميع الأمم، فقال: قد خصمتك ورب الكعبة. أليس النصارى يعبدون المسيح وأنت تقول أنه كان نبيا صالحا فإذا كان في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه في النار.
فضج العرب وفرحوا بما قاله ابن الزبعرى وظنوا أنه قد ألزم النبي الحجة، فلما نزل قول الله: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) والمسيح من الذين سبقت لهم من الله الحسنى فحج هؤلاء وقبح قولهم.