تتشرف الأزمنة والأمكنة بذكر الله فيها، فإذا كانت المساجد مكانا لذكر الله فإن الله فضلها بسبب هذا الذكر على غيرها.
عمارة بيوت الله
عمارة بيوت الله بإقام الصلاة فيها دليل على الإيمان بالله واليوم الآخر الذي يكون فيه الفصل بين الخلائق.
قال الله: (إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ)
المساجد أماكن لعبادة الله
قال الله: (وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا).
فإضافة المساجد إلى الله دليل على شرف وفضل هذه الأماكن على غيرها، وأنها لا تقام إلا لذكر الله وعبادته فهي أماكن يقبل الإنسان فيها على آخرته ويتحرر من دنياه.
الوعيد لمن يخرب بيوت الله
قال الله متوعدا هؤلاء الذين يحاربون الله بمنع ذكره في بيوته التي وضعها في الأرض وسعى في خراب بيوت الله فقال:
(وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ).
فالساعي في خراب بيت الله أسوأ حالا من المشرك فليس هناك أظلم ممن منع ذكر الله في بيوته.
فإذا كان الساعي في خراب بيوت الله أظلم واحد فإن الساعي في عمارة بيوت الله أقرب الناس لله وأكثرهم طاعة له.
المساجد بنيت لذكر الله
أذن الله ببناء بيوت الله في الأرض من أجل عمارتها بذكر الله، فإن من تعظيم هذه البيوت هو تنزيهها عن لغو الأقوال والأفعال، وتنزيهها عن الأنجاس والأرجاس.
قال الله: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ)
فلا تجعلوا هذه المساجد مكانا للمشاحنات وإنما هي أماكن للتخلص من أغلال هذه الدنيا من الذنوب والمعاصي ومكانا يستكثر الإنسان فيه من الطاعات.
عمارة المساجد دليل على الإيمان
عمارة المساجد قد تكون بكثرة الذهاب إليها لأداء الصلاة وذكر الله، وقد تكون بالقيام ببنائها والإصلاح فيها.
قال الله: (إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ).
أحب الأماكن إلى الله
الأماكن تتشرف بذكر الله فمن دخل موضعا يذكر الله فيه، وإذا كان غافلا ذكره هذا المكان بذكر الله، فإن هذا المكان يكون من أحب الأماكن إلى الله، وتلك هي المساجد.
وأما الأماكن التي تلهي الإنسان عن ذكر الله، وتجعل الإنسان ينصرف فيها عن الآخرة ويقبل على الدنيا تكون من أبغض الأماكن إلى الله، وذلك كالأسواق فإن الإنسان يقبل فيها على الدنيا.
عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)[مسلم]
فضل بناء المساجد
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة)[الترمذي]
والمراد من هذا الحديث تعظيم بناء المساجد، وهذا الحديث فيه حض على فعل الخير مهما كان، قليلا كان أو كثيرا.
فمن بنى لله موضعها في الأرض ليعبد فيه فكأنما ترك أثرا لعبادة الله فكأنه قد شهد بذلك لربه بأنه لا إله غيره، وأن الله مستحق للعبادة دون سواه لذلك بنى الله له بيتا في الجنة.
المساجد هي مهبط الملائكة
جعل الله المساجد في الأرض مهبطا للملائكة، وهي الأماكن التي تنزل فيها السكينة والرحمة على أهلها الذين يجلسون لسماع الذكر وقراءة القرآن، وهي مجالس يذكرها الله عنده.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده)[مسلم]
مباهاة الله بالذاكرين ملائكته
يباهي الله تعالى ملائكته بالذاكرين من عباده الذين يجلسون في بيوت الله يذكرون الله ويحمدونه.
عن أبي سعيد الخدري قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك.
قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقل عنه حديثا مني، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج على حلقة من أصحابه فقال: (ما أجلسكم؟)
قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومن به علينا قال: (آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟)
قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك قال: (أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة)[مسلم]
المساجد بيوت أدب
تلك المساجد هي بيوت أدب ووقار يجب على المسلم أن يعظمها لأن تعظيمها إنما هو تعظيم لله الذي يتلى كلامه فيها، وتوقير للنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي تتلى أحاديثه فيها، فهي بيوت يجب علينا أن نكظم فيها غيظنا وألا يرفع المسلم صوته على أخيه فيها.