تعامل الإسلام برحمة ورفق مع النساء، فأوصى بهن رسول الله خيرا، وساوي الإسلام بين المرأة والرجل في الأحكام إلا ما اختصت به المرأة.
الوصية بالنساء
راعى الإسلام الضعف الذي تكون عليه المرأة والطبيعة التي خلقت منها فأوصى بهن خيرا.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)[البخاري]
فهذه وصية من النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن نتواصى فيما بيننا بالإحسان إلى المرأة؛ لأنها خلقت من أحد أضلاع الصدر وهذا يعني أن في خلقهن عوج.
وهذا العوج قد يكون في خُلقها وقد يكون في فكرها فلا تطلب أن تستقيم تماما؛ لأنها تشبه هذا الضلع الأعوج إن حاولت أن تجعله مستقيما كسرته، فإن أردت من المرأة الاستقامة التامة في خلقها ودينها أدى ذلك إلى طلاقها.
النساء شقائق الرجال
لم يصنف الإسلام المرأة على أنها مخلوق درجة ثانية أو أنها أقل في القيمة من الرجال، وإنما ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة فكانت كل الأحكام التي يوجهها الله إنما كانت موجهة للرجال والنساء على حد سواء.
لكن لأجل الطبيعة المختلفة للمرأة بعض الشيء وضع الله لها بعض الاستثناءات التي تتناسب مع طبيعتها.
قال الله: (وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ نَقِيرٗا).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما النساء شقائق الرجال)الترمذي
قال الخطابي: “وقوله النساء شقائق الرجال أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال.
وفيه من الفقه إثبات القياس وإلحاق حكم النظير بالنظير، وأن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابا بالنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها”.
فكل خطاب ورد في القرآن موجها للذكور إنما هو موجه أيضا للنساء إلا في مواضع خاصة للنساء فقط.
عن أم عمارة الأنصارية، أنها أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء؟
فنزلت هذه الآية: (إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلصَّٰدِقَٰتِ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰبِرَٰتِ
وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّٰٓئِمِينَ وَٱلصَّٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا).الترمذي
مبايعة النساء كالرجال
أمر الله نبيه أن يبايع النساء كما يبايع الرجال، فقال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ يُبَايِعۡنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَلَا يَسۡرِقۡنَ وَلَا يَزۡنِينَ وَلَا يَقۡتُلۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ
وَلَا يَأۡتِينَ بِبُهۡتَٰنٖ يَفۡتَرِينَهُۥ بَيۡنَ أَيۡدِيهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا يَعۡصِينَكَ فِي مَعۡرُوفٖ فَبَايِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ).
ولم تكن مبايعة النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء بالمصاحة وإنما كانت بالكلام، فعن أميمة بنت رقيقة، قالت: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في نساء نبايعه، فأخذ علينا ما في القرآن: أن لا نشرك بالله شيئا الآية، قال: (فيما استطعتن وأطقتن).
قلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا. قلنا: يا رسول الله، ألا تصافحنا؟ قال: (إني لا أصافح النساء، إنما قولي لامرأة واحدة، كقولي لمائة امرأة)[أحمد]
الرفق واللين في معاملة النساء
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحرص دائما على الرفق واللين عند معاملة النساء وذلك بسبب الضعف الذي جبلن عليه.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض نسائه ومعهن أم سليم، فقال: (ويحك يا أنجشة، رويدك سوقا بالقوارير)،
قال أبو قلابة: فتكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بكلمة لو تكلم بعضكم لعبتموها عليه: قوله: سوقك بالقوارير)[البخاري]
فشبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النساء بالقوارير التي تصنع من الزجاج لضعف بنيتهن، فنهى رسول الله أنجشه عن إنشاد الرجز؛ لأنه ربما أسرعت الإبل في المشي واشتدت فأتعبت الراكب.
الثناء على النساء
نساء قريش كن يتميزن عن غيرهن بصفات حميدة وهي صلاحها في مخالطتها لزوجها، وشفقتها على ولدها ورعايتها وصيانتها له، وصيانتها للمال وترك التبذير.
فمدحهن رسول الله لجميل خصالهن فقال: (خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش، أحناه على ولده في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)[البخاري]
تعليم النساء
اهتم الإسلام بتعليم المرأة لأنها ستكون مسئولة عن جيل تنشؤه، وكان نساء الصحابة عندهن رغبة شديدة في التعلم، من أجل ذلك كان رسول الله يخصص لهن مجلسا يعلمهن ويعظهن فيه.
عن أبي سعيد الخدري: قال النساء للنبي -صلى الله عليه وسلم-: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن:
(ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها، إلا كان لها حجابا من النار). فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: (واثنين)[البخاري]
وكان رسول الله يدخل عليهن في يوم العيد فيعظهن، فعن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة،
ثم قام متوكئا على بلال. فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن.
فقال: تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم، فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين. فقالت: لم؟ يا رسول الله! قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن)[مسلم]
بل إن رسول الله حث على تعليم الأمة وجعل في ذلك الأجر العظيم مما يدلنا على أن الإسلام أولى المرأة عناية خاصة وأعطاها حقها في التعليم حتى ولو كانت أمة.
عن أبي موسى قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل آمن بالكتاب الأول، والكتاب الآخر ورجل له أمة فأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها. وعبد مملوك أحسن عبادة ربه، ونصح لسيده)[أحمد]