موضوعات اسلامية

تعرف على تعريف الحسد وعلاماته

الحسد: هو كراهة النعمة، وحب زوالها عن المنعم عليه، أو الحسد هو: تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد.

وصف الحسود

الحسود يمتلأ قلبه حقدا وكراهية؛ فلا يسره أن يرى نعمة على أحد، سواء أكانت مالا أو ولدا، أو علما، أو قدرا.

ويضيق صدره عندما يتفوق عليه أحد، فلا يهدأ له بال حتى تزول النعمة عن صاحبها، ويكون أسوأ منه حالا، وهو في كل الأحوال يتمنى أن يكون عنده ما ليس عند غيره، يحب أن يمتلك كل شيء، وفي المقابل يفقد الناس كل شيء.

ذم الحسد

الحسد خلق ذميم، وداء خبيث، ومرض فتاك، يقود إلى كل القبائح، ومنه تكون العداوة والقطيعة، والوحشة والفرقة، والخصام والنزاع، والكراهية والبغضاء، داء ينهك الجسد، ويفسد الود، ويضعف اليقين، ويسهر العين، ويورث الهم والغم،

قال الله تعالى: ﴿أَمْ ‌يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: 54]، وقال تعالى: ﴿أَمْ ‌يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: 54]، وقال تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا ‌حَسَدَ﴾ [الفلق: 5].

الفرق بين الحسد والغبطة والمنافسة في الطاعة

المنافسة في الخير والطاعات ليست من الحسد، بل هي مستحبة محمودة وقد حثنا الله تعالى على المنافسة في الخيرات بقوله سبحانه: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: 22 – 26].

وليس من الحسد المذموم أيضا الغبطة، وهي أن يتمنى المرء أن يكون عنده من الخير مثل ما عند غيره، من غير أن تزول عن صاحبها، وإنما ليكون مثله في فعل الخير، والتمكن من الطاعات والقربات، كمن يحب أن يكون له مثل علم فلان ليعمل به، ويعلمه الناس،

أو يحب أن يكون له مثل مال فلان لينفق منه في طاعة الله، من غير تمني زوال مال الغير، أو علمه أو أي نعمة أخرى،

وعن ‌أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ الْقُرْآنَ ‌فَهُوَ ‌يَتْلُوهُ ‌آنَاءَ ‌اللَّيْلِ ‌وَآنَاءَ ‌النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ» (أخرجه البخاري (5026).

أعراض الحسد

أعراض الحسد تنقسم لقسمين: منها ما ورد في الأثر، ومنها أعراض مستندها الواقع.

أعراض الحسد من السنة

حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، ‌وَهُوَ ‌يَغْتَسِلُ فَقَالَ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ، وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: أَدْرِكْ سَهْلًا صَرِيعًا،

قَالَ «مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ» قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ، قَالَ: «عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ، فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ» (أخرجه ابن ماجه (3509) وصححه الألباني).

فالنبي صلى الله عليه وسلم علم أمته الدعاء بالبركة والخير عند رؤية ما يعجب؛ حتى لا يقع التحاسد بين الناس، فعامر بن ربيعة رضي الله عنه مر بسهل بن حنيف رضي الله عنه وهو يغتسل في بئر في المدينة، فقال عامر رضي الله عنه ما رأيت يوما مثل ما رأيته اليوم من جلد حسن، فيقول أبو أمامة رضي الله عنه: فما لبث أن صرع سهل بن حنيف، وسقط من أثر العين والحسد.

ولما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل له: أدرك سهلا مريضا لا يقوى على القيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من تتهمون به؟ قالوا: عامر بن ربيعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “علام يقتل أحدكم أخاه؟!”، أي: بالعين والحسد، ثم قال صلى الله عليه وسلم موجها إلى الأدب في مثل هذه المواقف: “إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة”، أي: أن يسأل الله له الزيادة في الخير.

حديث استرقوا لها فإن بها النظرة

عن ‌أم سلمة رضي الله عنها، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً ‌فِي ‌وَجْهِهَا ‌سَفْعَةٌ، فَقَالَ: اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ» (أخرجه البخاري (5739).

تروي أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سوادا وشحوبا، فقال: اطلبوا من يرقي لها؛ فإنه أصابتها عين.

والرقية هي ما يقرأ على المريض من الآيات القرآنية والأدعية المشروعة، وقد أباحها الإسلام، وفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولغيره، وهي لأمراض متعددة؛ منها: الرقية من السحر، ومن نظرة العين والحسد، وغيرها، وقد عرفها العرب في الجاهلية، وكانوا يرقون ببعض الأمور الشركية التي حرمها الإسلام، وبعض الرقى كانت خالية من الشرك فأقرها الإسلام.

حديث ابني جعفر بن أبى طالب

قال النبي صلى لله عليه وسلم لأسماء بنت عميس رضي الله عنها: «مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ‌ضَارِعَةً ‌تُصِيبُهُمُ ‌الْحَاجَةُ” قَالَتْ: لَا. وَلَكِنْ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ. قَالَ “ارْقِيهِمْ” قَالَتْ: فَعَرَضْتُ عليه. فقال ارقيهم» (رواه مسلم: 2198).

في هذا الحديث يخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس وهي زوج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأم أبنائه: ما لي أرى أجسام بني أخي نحيفة، فهل هذا من الفقر والجوع؟ فأجابت: «لا» ليست بهم حاجة، ولكن العين الحاسدة تصيبهم بتأثيرها فيهم بالأذى، فضعفت أجسامهم بسبب هذا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: حصنيهم بالرقية.

أعراض الحسد المستندة للواقع

من الواقع المشاهد وممن لهم خبرة وتجربة في العلاج، ومخالطة الناس يعرفون هذه الأعراض، وهي لا تقع كلها ولكن بعضها، ومن تلك الأعراض:

  • اصفرار الوجه وشحوبه.
  • صداع وشعور بالحمى.
  • ارتفاع حرارة الجسم وتصبب العرق.
  • ألم شديد في الأطراف وقد يصاحب ذلك رعشة وارتجاف.
  • تثاؤب مستمر بشكل غير طبيعي وملفت للنظر.
  • في حالات الإصابة الشديدة يحدث البكاء أو تساقط الدموع دون سبب واضح.
  • الصرع والإغماء.
  • الشعور بالخمول بشكل عام وعدم القدرة على القيام بالعمل.
  • وجود كدمات في أنحاء الجسم مائلة إلى الزرقة أو الخضرة، من غير أن يكون لها أسباب طبية.
  • الانطواء والعزلة للمحسود.
  • عدم توافق نفسي أو اجتماعي بحيث قد يترك بعض أعماله واهتماماته.

علاج الحسد

مما يعين العبد على الرضا بما جعله الله في الدنيا من الشرور والمنغصات؛ أن يعلم أن الله تعالى حكيم خبير، وأنه رحيم ودود، وأن الدنيا دار ابتلاء واختبار، والآخرة دار الجزاء.

وأن الابتلاء في الدنيا يكون بالخير، كما يكون بالشر، فلا يجوز اتهام أحد بكونه يحسد أو يضمر شرا، إلا ببينة، والوقاية من شر الحسد تكون بالاستعاذة بالله تعالى منه، والتوكل عليه، فمن توكل على الله كفاه ما أهمه، فهذا من أنفع العلاجات للحسد.

قال الإمام ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد:

والعين والحسد يدفعان بالأسباب المشروعة، ومنها:

  • التعوذ بالله تعالى من شره، واللجوء والتحصن به.
  • تقوى الله، فمن اتقى الله، تولى الله حفظه، ولم يكله إلى غيره.
  • التوكل على الله، فإنه من يتوكل على الله فهو حسبه.
  • الإقبال على الله، والإخلاص له.
  • التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه.
  • الصدقة والإحسان ما أمكنه؛ فإن لذلك تأثيرا عجيبا في دفع البلاء، ودفع العين، وشر الحاسد، فلا يكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق.
  • إطفاء نار الحاسد بالإحسان إليه، فكلما ازداد أذى وشرا وبغيا وحسدا؛ ازددت إليه إحسانا وله نصيحة وعليه شفقة.

الوقاية من الحسد والسحر

ومن أنفع ما يقي من السحر بل ومن كل شر: المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة آية الكرسي، وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة، وعند النوم، وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة