السُنة النبوية

سؤر الكلب هل هو طاهر أم نجس؟ شرح الأحاديث الواردة فيه

روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث بعضها يدل على نجاسة سؤر الكلب وبعضها يدل على طهارته وهذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.

غسل ما ولغ فيه الكلب سبع مرار

عن ‌أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌إذا ‌ولغ ‌الكلب ‌في ‌إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرار)[مسلم]

هذا الحديث يفيد أن الماء الذي ولغ الكلب فيه نجس؛ لأن الأمر بغسل الإناء دليل على أن الإناء قد تنجس من الماء الذي ولغ الكلب فيه.

ويدل الحديث على استخدام التراب في التطهير، فإن الكلب إذا ولغ في الإناء وجب غسله سبع مرات إحداهن بالتراب.

فقد روى النسائي في الكبرى عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ‌إحداهن ‌بالتراب). ويستحب أن يجعل التراب في الغسلة الأولى.

وألحق الشافعية والحنابلة الخنزير بالكلب في وجوب غسل المتنجس به سبعا إحداهن بالتراب.[الموسوعة الفقهية الكويتية]

وقال الإمام النووي في شرح مسلم: “وفي مذهب مالك أربعة أقوال: طهارته، ونجاسته، وطهارة سؤر المأذون في اتخاذه دون غيره، وهذه الثلاثة عن مالك.

والرابع عن عبد الملك بن الماجشون المالكي أنه يفرق بين البدوي والحضري”.

أكل ما اصطاده الكلب لنفسه

عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إذا ‌أرسلت ‌كلبك ‌المعلم فقتل فكل، وإذا أكلا فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه).

قلت: أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر؟ قال: (فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب آخر)[البخاري]

اشترط الفقهاء لحل صيد الكلب أن يكون الكلب معلما لقول الله: (وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم).

وللحديث السابق ذكره، فكل حيوان يقبل التعليم يجوز الصيد به، ومن العلماء من قصر الصيد على الكلاب فقط.

والحديث يشير إلى التسمية عند إرسال الكلب للصيد، لكن اختلف العلماء في التسمية هل هي واجبة أم سنة فذهب الشافعي إلى أنه سنة فلو ترك التسمية سهوا أو عمدا حل الصيد كما أشار النووي في شرح مسلم.

ومن العلماء من قال بوجوب التسمية لقول الله: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق) وللأحاديث التي توجب التسمية.

قال ابن بطال: احتج الإمام مالك على طهارة الكلب بقوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن عليكم)، ومعلوم أنه إذا أمسك علينا فلابد من وصول لعابه مع أسنانه إلى جسم الصيد،

ومعلوم أنهم فى مواضع الصيد يسمطونه ويشوونه بغسل وبغير غسل، ولو كان لعابه نجسًا لبيَّن النبى -صلى الله عليه وسلم- لمن صاده فى مكان لا ماء فيه أن لا يحل له أكله،

فلما لم يأت فى هذا بيان منه، علم أنه مباح أكله، وإن لم يغسل من لعاب الكلب، إذ تداخله وغاص فيه.

دخول الكلاب المسجد

عن عبد الله بن عمر قال: (‌كانت ‌الكلاب ‌تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك)[البخاري]

قال المنذري: المراد أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها ثم تقبل وتدبر في المسجد إذا لم يكن عليه في ذلك الوقت غلق.

وقال غيره: إن ذلك كان في الابتداء، ثم ورد الأمر بتكريم المسجد حتى من لغو الكلام.[التوشيح شرح الجامع الصحيح]

وقيل في هذا: فنفي الرش أبلغ من نفي الغسل، ولفظ شيئًا أيضًا عامّ لأنه نكرة في سياق النفي، وهذا كله للمبالغة في طهارة سؤره إذ في مثل هذه الصورة الغالب أن لعابه يصل إلى بعض أجزاء المسجد.

وأجيب: بأن طهارة المسجد متيقنة وما ذكره مشكوك فيه واليقين لا يرتفع بالشك. ثم إن دلالته لا تعارض دلالة منطوق الحديث الوارد بالغسل من ولوغه.[شرح القسطلاني]

ذهب ابن حجر إلى أن بول الكلاب وإقبالها وإدبارها كل ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها.

سؤر السباع والكلاب

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن ‌الحياض ‌التي ‌بين ‌مكة والمدينة، تردها السباع، والكلاب، والحمر، وعن الطهارة منها؟ فقال: (لها ما حملت في بطونها، ولنا ما غبر طهور)[ابن ماجه]

هذا الحديث ضعفه الأئمة فقال ابن الجوزي عن عبد الرحمن بن زيد راوي الحديث: “أجمعوا على ضعفه”. وقال الزيلعي: طهو معلول بعد الرحمن” وقال البوصيري: “هذا إسناد ضعيف”.

سؤر السباع

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل: ‌أنتوضأ ‌بما ‌أفضلت ‌الحمر؟ قال: (نعم، وبما أفضلت السباع كلها)[مسند الشافعي]

قال ابن الملك: وهذا يدل على أن سؤر السباع طاهر، وبه قال الشافعي، إلا سؤر الكلب والخنزير، وعند أبي حنيفة سؤر السباع كلها نجس.

وقال ابن الهمام: يحمل هذا الحديث، وحديث: سئل عن الحياض الآتي على الماء الكثير، أو على ما قبل تحريم لحوم السباع.

وهذا الحديث قد ضعفه بعض الأئمة.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة