تعرف على غزوة بني المصطلق

في العام الخامس من الهجرة كانت غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع وفي هذه الغزوة حدثت أحداث عظام هزت المجتمع المسلم هزا عنيفا، وكان سبب هذه الأحداث هم المنافقون الذين يرأسهم عبد الله بن أُبَيّ بن سلول.

سبب غزوة بني المصطلق

سمع النبي –صلى الله عليه وسلم- أن بني المصطلق بقيادة رئيسهم الحارث بن أبي ضرار مع من قدر عليه من العرب يتجهزون لحربه وقتاله فأرسل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بريدة بن الحصيب الأسلمي ليتحقق له من الأمر فأكد له صحة ما سمع، فندب رسول الله الصحابة للخروج.

خروج المنافقين في غزوة بني المصطلق

خرج كثير من المنافقين ممن لم يخرجوا في أي غزوة قبل ذلك؛ لأنهم رأوا أنه لن يواجهوا قوة عسكرية يخشى منها، وكانوا يثقون بأن النصر في جانب المسلمين.

موقف قائد بني المصطلق

لما علم الحارث بن أبي ضرار قائد بني المصطلق بمسير رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إليه خاف وخاف من معه وتفرق عنه من كان معه من العرب.

نتيجة غزوة بني المصطلق

انتهى رسول الله عند ماء يقال له المريسيع، وحمل عليهم حملة واحدة فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم، وسُبِي منهم من سبي، ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد قتله رجل من الأنصار ظنا منه أنه من العدو.

جويرية بنت الحارث

كان من جملة السبي جويرية بنت الحارث التي وقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبها فأدى عنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وتزوجها وبسبب هذا الزواج أعتق المسلمون كل من كان تحت يده شيء من السبي.

الفتنة بين المهاجرين والأنصار

من الأحداث العنيفة التي وقعت في هذه الغزوة ما حدث بعد الفراغ من الغزوة وأثناء الإقامة عند ماء المريسيع ورد واردة من الناس وكان مع عمر بن الخطاب أجير يقال له جهجاه الغفاري فتزاحم هو ووبر بن سنان الجهني على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها فإنها منتنة.

موقف ابن سلول في غزوة المريسيع

لما بلغ أمر -الفتنة بين المهاجرين والأنصار- عبد الله بن أُبَيّ بن سلول وعنده رهط من قومه قال: أو قد فعلوها قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما نحن وهم إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فلما علم النبي –صلى الله عليه وسلم- بذلك وعنده نفر من أصحابه وفيهم عمر قال عمر: مر عباد بن بشر فليقتله فقال: فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه؟ لا ولكن أذن بالرحيل. وذلك في ساعة لم يكن يرتحل فيها.

فلقيه أسيد بن حضير فحياه وقال: لقد رحت في ساعة منكرة؟ فقال له: (أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟) يريد ابن أُبَيّ فقال: وما قال؟ قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال: فأنت يا رسول الله تخرجه منها إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز ثم قال: يا رسول الله، ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه، فإنه يرى أنك استلبته ملكا.

قضاء النبي على الفتنة في مهدها

سار النبي –صلى الله عليه وسلم- بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض، فوقعوا نياما. فعل ذلك؛ ليشغل الناس عن الحديث.

ثم جاء عبد الله بن أبي بن سلول يحلف أنه ما قال ما بلغه عنه ولا تكلم به، فأنزل الله قوله: (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ … ) إلى قوله: (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا …. إلى … لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ).

موقف ابن عبد الله بن أبي بن سلول

وكان ابن هذا المنافق اسمه عبد الله كان من أفاضل الصحابة تبرأ من فعل أبيه ووقف له على باب المدينة، واستل سيفه، فلما جاء ابن أبي قال له:

والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه العزيز وأنت الذليل، فلما جاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أذن له فخلى سبيله، وكان قد قال عبد الله بن عبد الله بن أبي: يا رسول الله إن أردت قتله فمرني بذلك، فأنا والله أحمل إليك رأسه.

موقف قوم عبد الله بن أبي بن سلول منه

بعد أن قال عبد الله بن أبي بن سلول المنافق ما قال، وتعامل النبي –صلى الله عليه وسلم- معه بحكمة حيث طلب منه عمر أن يأمر بقتله فأبى وجاء ولده إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يعرض عليه إن كان يريد قتله فليأمره بقتله فأجابه رسول الله بقوله: بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا.

كان من آثار هذه السياسة الحكيمة من النبي –صلى الله عليه وسلم- أن قومه هم الذين كانوا يعاتبون هذا المنافق ويعنفونه ويعرضون قتله على النبي –صلى الله عليه وسلم-، لذلك قال رسول الله لعمر: (كيف ترى يا عم؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي لأرعدت له أنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته) فقال عمر: قد -والله- علمت لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظم بركة من أمري.

Exit mobile version