السُنة النبوية

تعرف على حكم استقبال القبلة ببول أو غائط

جعل الله البيت الحرام قبلة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فلا نتوجه في الصلاة إلا إليها.

استقبال القبلة للصلاة

يجب على المسلم أن يستقبل القبلة في الصلاة لقول الله: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ ‌شَطْرَ ‌الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )

عن عبد الله بن عمر قال: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن،

وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشأم، ‌فاستداروا ‌إلى الكعبة )[البخاري]

النهي عن استقبال القبلة لبول أو غائط

من الأحاديث التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهانا عن استقبال القبلة أثناء قضاء الحاجة لبول أو غائط من باب تعظيم واحترام قبلة الصلاة.

عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا ‌أتى ‌أحدكم ‌الغائط، فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا)[البخاري]

الغائط في اللغة هو المنخفض من الأرض في الفضاء الواسع، ثم صار يطلق على المكان المعد لقضاء الحاجة، وربما أطلق الغائط على الخارج من الدبر.

فأمرنا رسول الله ألا نستقبل القبلة أثناء قضاء الحاجة بل نستقبل المشرق أو المغرب، وهذا الحديث فيه صيانة القبلة، قال الخطابي في أعلام الحديث:

“نهيه عن استقبال القبلة واستدبارها عند الخلاء معناه صيانة جهة القبلة وكراهة ابتذالها في غير ما جعلت له،

وإنما يستقبل الرجل القبلة عند الصلاة والدعاء ونحوهما من أمور البر والخير، فكره صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إليها عند الحدث،

وكره أيضا أن يوليها ظهره فتكون عورته بإزائها غير مستورة عنها. وقد قيل: إن المعنى في ذلك أن وجه الأرض متعبد للملائكة والإنس والجن، فالمتباعد فيه مستقبلا للقبلة ومستدبرا لها، مستهدف للأبصار”.

استقبال القبلة أثناء قضاء الحاجة

عن عبد الله بن عمر: أنه كان يقول: إن ناسا يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس،

فقال عبد الله بن عمر: (لقد ‌ارتقيت ‌يوما على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لبنتين، مستقبلا بيت المقدس لحاجته)[البخاري]

هذا الحديث يفسر أن المقصود بالنهي عن استقبال القبلة للبول أو الغائط إنما هو مخصوص بالصحاري أما في البيوت وخلف الجدران فلا بأس باستقبال القبلة أو استدبارها.

وقال أحمد بن حنبل: حديث ابن عمر ناسخ للنهى عن استقبال بيت المقدس، واستدباره بالغائط والبول،

والدليل على هذا ما روى مروان الأصفر، عن ابن عمر، أنه أناخ راحلته مستقبل بيت المقدس، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نهى عن هذا؟

قال: إنما نهى عن هذا فى الفضاء، وأما إذا كان بينك وبين القبلة شىء يسترك فلا بأس.

وقال ابن بطال في شرح البخاري: “قال المهلب: إنما نهى عن استقبال القبلة، واستدبارها بالغائط والبول فى الصحارى، والله أعلم،

من أجل من يصلى فيها من الملائكة، فيؤذيهم بظهور عورته مستقبلاً أو مستدبرًا، وأما فى البيوت والمبانى، وما يستتر فيه من الصحارى، وعمن فيها فليس ذلك عليه، ويحتمل أن يكون النهى عن ذلك، والله أعلم، إكرامًا للقبلة، وتنزيهًا لها”.

أقوال العلماء في استقبال القبلة

ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز استقبال القبلة ببول أو غائط عند قضاء الحاجة، واشترطوا لذلك أن يكون بالصحراء وأن يكون بلا حائل،

وأما في البنيان أو إذا كان بينه وبين القبلة جدار ففيه قولان: أحدهما: لا يجوز، وهو قول أبي حنيفة،

والثاني: يجوز استقبال القبلة واستدبارها في النبيان لحديث عبد الله بن عمر. الموسوعة الفقهية باختصار

رأي ابن حزم

ذهب الإمام ابن حزم إلى أن حديث ابن عمر منسوخ وأنه لا يجوز استقبال القبلة واستدبارها للبول أو للغائط لا في بنيان ولا في صحراء.

أحايث النهي والإباحة

ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية: “اختلافهم في الجمع بين المختلفين، ومنه: نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ‌استقبال ‌القبلة عند قضاء الحاجة،

فذهب البعض إلى عموم هذا الحكم وكونه غير منسوخ، ورآه جابر -رضي الله عنه- يبول قبل أن يتوفى بعام مستقبل القبلة” فذهب إلى أنه نسخ للنهي المتقدم.

ورآه ابن عمر -رضي الله عنهما- ” قضى حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام “، فرد به قولهم، وجمع بعضهم بين الروايتين،

وقالوا: إن النهي مختص بالصحراء، فإذا كان في المراحيض فلا بأس بالاستقبال والاستدبار.

وبالجملة اختلفت مذاهب الصحابة -رضي الله عنهم- وأخذ التابعون العلم منهم، فأقبل أبناء كل قطر على من نزل في قطرهم يستفتونهم، ويروون عنهم، ويتعلمون منهم،

ولم تكن الصحابة سواء فيما يعلمون، ولم يكن كل واحد منهم يحفظ كل ما يحفظه غيره، ولم يكونوا سواء في استعمال الرأي فيما لا نص فيه، ولا في الأخذ بأخبار الآحاد،

فكان منهم من يتوسع في الرأي عند عدم النص، ومنهم من حمله الورع والاحتياط على الوقوف عند النصوص والتمسك بالآثار”.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة