العقيدة الإسلامية

تعريف السحر وأنواعه ودليل ثبوته من القرآن والسنة

السحر ثابت عقلا وسمعا بالقرآن والسنة، لكن أنكر المعتزلة وجود السحر بناء على مذهبهم في إنكار وجود الجن والشياطين.

دليل وجود السحر من القرآن

ورد العديد من الآيات التي تدل على وجود السحر منها قصة هاروت وماروت في قول الله: (وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ

وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا ‌نَحۡنُ ‌فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ

وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ).

وقال الله: (قُلۡ أَعُوذُ ‌بِرَبِّ ‌ٱلۡفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).

سبب نزول آية هاروت وماروت

قال ابن حجر في فتح الباري: وفي هذه الآية ‌بيان ‌أصل ‌السحر الذي يعمل به اليهود ثم هو مما وضعته الشياطين على سليمان بن داود -عليهما السلام-

ومما أنزل على هاروت وماروت بأرض بابل، والثاني متقدم العهد على الأول؛ لأن قصة هاروت وماروت كانت من قبل زمن نوح -عليه السلام- على ما ذكر بن إسحاق وغيره.

وكان السحر موجودا في زمن نوح إذ أخبر الله عن قوم نوح أنهم زعموا أنه ساحر،

وكان السحر أيضا فاشيا في قوم فرعون وكل ذلك قبل سليمان،

واختلف في المراد بالآية فقيل: إن سليمان كان جمع كتب السحر والكهانة فدفنها تحت كرسيه فلم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي.

فلما مات سليمان وذهبت العلماء الذين يعرفون الأمر جاءهم شيطان في صورة إنسان فقال لليهود: هل أدلكم على كنز لا نظير له. قالوا: نعم.

قال: فاحفروا تحت الكرسي فحفروا وهو متنح عنهم فوجدوا تلك الكتب. فقال: لهم إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا،

ففشا فيهم أن سليمان كان ساحرا فلما نزل القرآن بذكر سليمان في الأنبياء أنكرت اليهود ذلك وقالوا: إنما كان ساحرا فنزلت هذه الآية.

دليل وجود السحر من السنة

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل من بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم،

حتى كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال:

(يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي،

فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟

قال: في ‌مشط ‌ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان).

فأتاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ناس من أصحابه، فجاء فقال: (يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين).

قلت: يا رسول الله: أفلا استخرجته؟ قال: (قد عافاني الله، فكرهت أن أثور على الناس فيه شرا). فأمر بها فدفنت.[البخاري]

سحر أهل بابل

قال أبو بكر الرازي في الأحكام له: كان أهل بابل قوما صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة ويعتقدون أنها الفعالة لكل ما في العالم.

وعملوا أوثانا على أسمائها ، ولكل واحد هيكل فيه صنمه يتقرب إليه بما يوافقه بزعمهم من أدعية وبخور.

وهم الذين بعث إليهم إبراهيم -عليه السلام- وكانت علومهم أحكام النجوم، ومع ذلك فكان السحرة منهم يستعملون سائر وجوه السحر وينسبونها إلى فعل الكواكب لئلا يبحث عنها وينكشف تمويههم.

أنواع السحر

تطلق كلمة السحر ويراد بها عدة أمور منها:

أولا: تطلق على ما لطف ودق ومنه سحرت الصبي خادعته واستملته، وكل من استطاع استمالة أحد يكون قد سحره.

فالطبيعة الجميلة التي تستميل الإنسان لها نقول عنها: سحرته الطبيعة، والخطيب المفوه ببيانه نقول عنه: سحر الناس بمنطقه وحسن بيانه، ومنه حديث: (إن من البيان لسحرا).

ثانيا: تطلق كلمة السحر على خفة اليد بالخداع والتخييلات التي لا حقيقة لها، بمحاولة إلهاء الناس وصرفهم عما يفعله بيده،

أو باستخدام الأشياء التي لها خاصية الجذب كالمغناطيس وغيره، ومنه الإشارة إليه بقول الله:

(قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلۡقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَلۡقَىٰ قَالَ بَلۡ أَلۡقُواْۖ فَإِذَا حِبَالُهُمۡ وَعِصِيُّهُمۡ ‌يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ)

وقال الله: (قَالَ أَلۡقُواْۖ فَلَمَّآ أَلۡقَوۡاْ ‌سَحَرُوٓاْ أَعۡيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَآءُو بِسِحۡرٍ عَظِيمٖ).

ثالثا: من السحر ما يحصل بمعاونة الشياطين بالتقرب إليهم وهذا النوع من السحر كفر لقول الله: (وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ).

رابعا: ما يكون من السحر بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانياتها بالطلسمات وغيرها، ومن السحر ما يكون بالاستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب معا.

حيل السحر

قال القرطبي : السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب، غير أنها لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاد الناس، ومادته الوقوف على خواص الأشياء والعلم بوجوه تركيبها وأوقاته،

وأكثرها تخييلات بغير حقيقة وإيهامات بغير ثبوت فيعظم عند من لا يعرف ذلك كما قال الله – تعالى – عن سحرة فرعون: (وجاءوا بسحر عظيم)

مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالا وعصيا.

ثم قال : والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرا في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر، وفي الأبدان بالألم والسقم، وإنما المنكور أن الجماد ينقلب حيوانا أو عكسه بسحر الساحر أو نحو ذلك.

وجود السحر

اتفق الفقهاء على وجود السحر فقد ثبت وجوده عقلا وسمعا بالأدلة من القرآن والسنة، لكن أنكر المعتزلة وجود السحر، كما أنكروا الجن والشياطين.

لكن مذهب أهل السنة أنهم يثبتون وجود الجن والشياطين فقد ثبت وجودهم بالقرآن والسنة وإجماع الأمة، فأثبت القرآن وجود إبليس وجنوده، والشياطين الذين كانوا مسخرين لنبي الله سليمان.

الفرق بين السحر والمعجزة والكرامة

السحر يكون بأقوال وأفعال معينة يقوم بها الساحر حتى يتم له ما يريد، فالسحر أمر كسبي يستطيع أي واحد أن يتعلمه، وهذا السحر لا يظهر إلا على فاسق.

أما الكرامة فهي أمر وهبي يهبه الله لمن يشاء ولا تكون بفعل أفعال معينة ولا بأقوال محددة وإنما هي محض فضل من الله يمتن بها على من يشاء من عباده، ولا تظهر الكرامة على فاسق أبدا.

أما المعجزة فهي أيضا محض تفضل من الله لا يمكن لأحد أن يتعلمها ولا أن يكتسبها وهي تزيد على الكرامة بأن النبي يتحدى بها قومه.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة