هل كتب الصحابة السنة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؟

اهتم الصحابة بالسنة النبوية اهتماما بالغا في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد وفاته، فكان هناك من يعتمدون على ذاكرتهم، وهناك من يكتبون صحائف خاصة لهم.

من أقوال السلف في كتابة السنة

قال قتادة إذ سأله بعض أصحابه: أأكتب ما أسمع؟ فقال: وما يمنعك من ذلك وقد أنبأك اللطيف الخبير بأنه قد كتب! وقرأ: (في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى).

وكذا قال أبو المليح الهذلي البصري: يعيبون علينا أن نكتب العلم أو ندونه وقد قال تعالى: (علمها عند ربي في كتاب).

ولقوله تعالى مما استدل به ابن فارس في مآخذ العلم: فاكتبوه حيث قال: فجعل كتابة الدين وأجله وكميته من القسط عنده، وجعل ذلك قياما للشهادة ونفيا للارتياب لقوله: (ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا).

قلت: ونحوه قوله تعالى: (ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله).

قال ابن فارس: وعلى ما يحتج به في ذلك قوله تعالى: (ن والقلم وما يسطرون) فقد فسرهما الحسن بالدواة والقلم،

ثم روى حديث ابن عباس: (أول ما خلق الله القلم، وأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة).

قال بعضهم: وفي قوله صلى الله عليه وسلم أي: الذي استدل به للوجادة: ( يجيء بعدكم قوم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها) علم من أعلام النبوة من إخباره عما سيقع، وهو تدوين القرآن وكتبه في صحفه يعني: وكتابة الحديث. ولم يكن ذلك في زمنه صلى الله عليه وسلم. فتح المغيث بشرح ألفية الحديث

كتابة النبي الرسائل للملوك

كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الرسائل للملوك في أواخر حياته يدعوهم للإيمان بالله.

فكتب إلى النجاشي ملك الحبشة، وكتب إلى وكتب إلى هرقل عظيم الروم، وكتب إلى كسرى عظيم الفرس.

وقد ورد هذا في حديث طويل ذكره الإمام البخاري في صحيحه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن أمر الكتابة كان موجودا ومعتمدا عليه في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

صحائف الصحابة

كان هناك الكثير من الصحائف الخاصة التي كتب فيها الصحابة -رضوان الله عليهم- السنة النبوية في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- دون نكير عليهم من النبي أو من أحد من الصحابة.

صحيفة أبي بكر الصديق

روى الإمام البخاري في صحيحه حديثا عن أنس -رضي الله عنه- قال: إن أبا بكر -رضي الله عنه- كتب له هذا الكتاب، لما وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم

‌هذه ‌فريضة ‌الصدقة، التي فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سألها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط…)

صحائف عبد الله بن عمرو

كان هناك صحائف لعبد الله بن عمرو بن العاص، فقد صرح عبد الله بن عمرو أنه سأل النبي عن كتابته لكل شيء يصدر منه فأباح له الكتابة وقال: اكتب فوالله نفسي بيده ما خرج منه إلا حق. وأشار إلى فيه.

عن ‌عبد الله بن عمرو قال: (كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا:

أتكتب كل شيء تسمعه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأومأ بإصبعه إلى فيه، فقال: ‌اكتب ‌فوالذي ‌نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق)[أبو داود]

وتصريح أبي هريرة عن عبد الله بن عمرو أنه كان أكثر حديثا منه لأنه كان يكتب ولا يكتب هو.

عن أبي هريرة قال: (ما من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان ‌يكتب ‌ولا ‌أكتب)[البخاري]

صحيفة علي بن أبي طالب

من الصحائف الخاصة التي كتبت فيها أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بصفة خاصة صحيفة علي بن أبي طالب التي كتب فيها بعض الأحاديث.

عن أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: قلت لعلي -رضي الله عنه- هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟

قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن، ‌وما ‌في ‌هذه ‌الصحيفة.

قلت: وما في الصحيفة قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر)[البخاري]

صحائف أنس بن مالك

ذكر الخطيب البغدادي في كتاب تقييد العلم عن أنس بن مالك، قال: كان إذا حدث فكثر عليه الناس جاء بمجال فألقاها ثم قال: (هذه ‌أحاديث ‌سمعتها وكتبتها عن رسول الله -صلى الله عليه- وعرضتها عليه)

صحيفة جابر بن عبد الله

كان للصحابي الجليل جابر بن عبد الله صحيفة كتب فيها أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فعن قتادة أنه كان إذا سمع الحديث أخذه العويل والزويل حتى يحفظه هذا مع قوة حفظه. ذكروا أن ‌صحيفة ‌جابر على كبرها قرئت عليه مرة واحدة -وكان أعمى– فحفظها بحروفها، حتى قرأ مرة سورة البقرة فلم يخطيء حرفاً ثم قال: لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة.

Exit mobile version